ومن كلام علي ﵁:
ما الفضل الا لاهل العلم إنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء
ووزن كل امرئ ما كان يحسنه ... والجاهلون لاهل العلم أعداء
ففز بعلم ولا تجهل به أبدا ... الناس موتى وأهل العلم أحياء
وقد قيل: العلم وسيلة الى كل فضيلة، العلم يرفع المملوك الى مجالس الملوك، لولا العلماء لهلك الامراء. وإنما العلم لاربابه ولاية ليس لها عزل:
إن الامير هو الذي ... يضحي أميرا عند عزله
إن زال سلطان الولا ... ية كان في سلطان فضله
واعلم أن تعلم العلم يكون فرض عين، وهو بقدر ما يحتاج لدينه. وفرض كفاية، وهو ما زاد عليه لنفع غيره، ومندوبا، وهو التبحر في الفقه وعلم القلب. وحراما، وهو علم الفلسفة والشعبذة، والتنجيم
والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر، والكهانة، ودخل في الفلسفة المنطق، ومن هذا القسم علم الحرف
وعلم الموسيقى. ومكروها وهو أشعار المولدين من الغزل والبطالة. ومباحا: كأشعارهم التي لا يستخف فيها، كذا في فوائد شتى من (الاشباه والنظائر).
ثم نقل مسأله الرباعيات، ومحصلها أن الفقه هو ثمرة الحديث وليس ثواب الفقيه أقل من ثواب المحدث، وفيها: كل إنسان غير الانبياء لا يعلم ما أراد الله تعالى له وبه، لان إرادته تعالى غيب، الا الفقهاء فإنهم علموا إرادته تعالى بهم بحديث الصادق المصدوق: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) وفيها: كل شيء يسأل عنه العبد يوم القيامة إلا العلم، لانه طلب من نبيه أن يطلب
الزيادة منه، فقال تعالى: ﴿وقل رب زدني علما﴾، فكيف يسأل عنه؟ وفيها: إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفنا قلنا وجوبا: مذهبنا صواب يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب، وإذا سئلنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا قلنا وجوبا: الحق ما نحن عليه، والباطل ما عليه خصومنا وفيها: العلوم ثلاثة: علم نضج وما احترق، وهو علم النحو والاصول، وعلم لا نضج ولا احترق، وهو علم البيان والتفسير وعلم نضج واحترق، وهو علم الحديث والفقه.
وقد قالوا: الفقه زرعه عبد الله من مسعود ﵁، وسقاه علقمة، وحصده إبراهيم النخعي، وداسه حماد، وطحنه أبو حنيفة، وعجنه أبو يوسف، وخبزه محمد، فسائر الناس يأكلون من خبزه، وقد نظمه بعضهم فقال:
الفقه زرع ابن مسعود، وعلقمةٌ ... حَصَّاده، ثم إبراهيم دَوَّاسُ
نعمان طاحنه، يعقوب عاجنه ... محمد خابز، والآكلُ الناسُ
وقد ظهر علمه بتصانيفه كالجامعين والمبسوط والزيادات والنوادر، حتى قيل: إنه
1 / 12