أولا:
خذ اللذة التي لا يعقبها أدنى تعب.
ثانيا:
اهرب من التعب الذي لا يعقبه أدنى لذة.
ثالثا:
اهرب من اللذة التي تحرمك لذة أخرى أعظم منها.
رابعا:
اقبل بالتعب الذي ينجيك من تعب أكبر، ويعطيك لذة أوفر.
وعليه فهو يميز أولا: بين الملذات الطبيعية والضرورية؛ كالشرب عند الظمأ، والأكل عند الجوع، وهذا ما يجب الأخذ به، وثانيا: الملذات الطبيعية غير الضرورية؛ كالتفنن في الأكل وإرضاء الشهوات، وهذا ما يجب الاعتدال فيه، وثالثا: الملذات التي هي غير طبيعية وغير ضرورية؛ كالسكر والإفراط في أكل اللحوم، وكل ما يدفع إليه الطمع والبخل من رغبات لا حد لها، فلا يخمد الإنسان واحدة منها حتى تستيقظ الثانية، وهكذا يزلق المرء من شهوة إلى شهوة، ومن وهم إلى وهم، ومن خيبة إلى خيبة، ومن اضطراب إلى اضطراب؛ فهذه الملذات غير الطبيعية ولا الضرورية يجب الإقلاع عنها.
تلك هي فلسفة أبيقور. لقد أساء الناس فهمها فرموا صاحبها بكل شائنة، وأنزلوا عليه اللعنات، وجعلوا منه منافقا وفاسقا ونهما، حتى ادعى تمقراط، أحد تلاميذه، أنه كان يتقيأ ما يأكله مرتين في النهار، وإلى يومنا هذا لا يزال اسمه رمزا لحب الذات وحب المتعة، فيقولون «هذا أبيقور» لكل مسترسل في شهواته لا يهتم إلا بذاته، مع أن أتباعه ومريديه يمجدونه كإله، ويمدحون كرم طباعه وبساطة عيشته، ويؤكدون أن غذاءه كان من الخبز المبلول بالماء، وكتابه الأخير إلى تلميذه «أيدومنة» دليل على تعففه وتقشفه؛ فقد مات في السبعين بعد عذاب أيام بداء المثانة، وكتب قبل موته يقول: «أكتب لك هذا في اليوم الأخير والسعيد من حياتي: أن آلامي لا تطاق، ولكن يعزيني فيها الذكريات التي أستمدها مما علمت وصنفت.»
अज्ञात पृष्ठ