ولا يوصف تعالى بأنه وزير ولا مساعد لأحد من خلقه، ولا أنهم وزراء له؛ لأن تأويل الوزير هو أنه وازر صاحبه، ومعنى المؤازرة أن كل واحد منهما شد إزاره مع صاحبه ليعينه على ما [هو] فيه، ومن شد الإزار اشتق له اسم المؤازرة؛ لأن العرب كانت إذا توازرت (¬1) فعلت هذه الفعل وشدت على أنفسها الإزار. فلما لم يجز على الله تعالى هذا المعنى لم يجز أن يكون وزيرا لأحد من خلقه وأوليائه، ولا أن يكون له وزير منهم. وكذلك المساعد إنما تأويله في اللغة هو أن يجعل ساعده ويده في الأمر الذي جعل فيه صاحبه ساعده، فقالوا لمن تابع صاحبه على الأمر: ساعده، /28/ من هذا المعنى، فهاتان الصفتان لا تجوزان على الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فكل اسم أو صفة لم يكن من جهة الحقائق وكان من جهة المجاز ولم نجد أهل اللغة قد سموه تعالى بهما لم تجز تسميته عز وجل بهما، إذ كانا لم يجوزا من جهة الحقيقة، ولا يسمى بهما تعالى في اللغة.
ولا يقال بأنه تعالى يجرب عباده كما يمتحن عباده، إذ كان معنى (¬2) الامتحان في اللغة هو معنى التجربة؛ لأن القول بأنه يمتحن توسعا لوجود ذلك في اللغة، ولولا جوازه في اللغة لم يجز القول به، فكيف يجوز أن يقال: إنه يجرب ولم يجز ذلك في اللغة مجازا ولا حقيقة؟ والمجازات لا يجوز أن يقاس عليها في صفاته، وإنما نتكلم بها في الموضع الذي نجدها مستعملة فيه فقط.
पृष्ठ 51