पश्चिमी दर्शन पर दार्शनिक अध्ययन (भाग दो)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
शैलियों
12
وقد أصبح العلم الطبيعي لدينا منذ القرن الماضي، عند شبلي شميل ويعقوب صروف ونقولا حداد وولي الدين يكن، وفي هذا القرن عند سلامة موسى وزكي نجيب محمود وفؤاد زكريا، أحد طرق النهضة وأهم شروطها نظرا لما يسود مجتمعاتنا من خرافة وأساطير ومحرمات لا يمكن الاقتراب منها. وأصبح تكوين فلسفة علمية أحد طرق الإصلاح، إحكاما لاستعمالنا للغة، وتوجيها لوعينا نحو الظواهر الطبيعية أو الاجتماعية واستخداما للعقل بطريقة تحليلية.
13
وبالرغم من إنجازات الفلسفة الطبيعية ونجاحها في القضاء على التصورات النظرية التي لا أساس لها في العقل أو في الطبيعة وصياغة منهج تجريبي علمي دقيق استطاع القضاء على كل الأفكار الموروثة والعقائد المسبقة والأحكام المبتسرة والتحيزات والأهواء، إلا أن الفلسفة فقدت استقلالها، وأصبحت تجري وراء العلم أينما ذهب، وضاع من الفلسفة روح التأمل والتساؤل، وغابت منها الحيرة والظنون والافتراضات، وتحولت إلى مذهب دجماطيقي يرفض كل تأمل يخرج عن حدود العلم ويتهمه بالخرافة والميتافيزيقا. وفي النهاية حل العلم محل الفلسفة، وأصبحت الفلسفة إحدى مراحل التفكير البشري بعد الدين وقبل العلم. ولم يعد لدى الإنسان أي مجال للتأمل النظري الخالص، إن لم يشأ العلم فعليه بالدين أو الفن يجد فيهما متعته ومبتغاه. (5)
هل الفلسفة تفكير على الفن؟ لقد ارتبطت الفلسفة أيضا منذ نشأتها بالفن كما ارتبطت بالدين وبالعلم. وكان التفكير في الجمال أحد مصادر التفكير الفلسفي، فالإنسان البدائي فنان قبل أن يكون فيلسوفا، الفن لغة وتعبيرا أكثر بدائية من الفلسفة التي تحتاج إلى تنظير وتعقيل وترتيب ومنطق وحجة وبرهان. وقد تساءل الفلاسفة قديما عن معنى الفن والجمال. ولا يوجد فيلسوف إلا ويتوج مذهبه بنظرية في الفن أو يطبقه في الجمال. وقد فام الفلاسفة أنفسهم بوضع نظريات علم الجمال أحد فروع الفلسفة. خصص له أفلاطون محاورة «فيدروس»، وجعل أرسطو كتاب «الشعر» أحد كتب المنطق. وكتب أوغسطين كتابا في «الموسيقى». وفي مرحلة المذاهب الفلسفية في العصور الحديثة خصص له كانط أحد كتبه النقدية الثلاثة «نقد ملكة الحكم» وأيضا «ملاحظات حول الجميل والجليل»، وتبعه في ذلك شيلر في «التربية الجمالية للإنسان»، كما طبق هيجل مذهبه في «دروس في الجمال» وتبعه شوبنهور حيث جعل الفلسفة تفكيرا على الفن والحياة. ولا يخلو فيلسوف معاصر إلا ويتطرق إلى الفن؛ فقد كتب ماركس وأنجلز في «الفن والأدب»، وجعل كيركجارد «الجمال» أولى مراحل الحياة. كما ارتبط الجمال بالحياة وبدفعاتها الحيوية عند جويو وبرجسون ونيتشه، وبالتأمل الروحي عند تولستوي. وتحول إلى فلسفة خالصة عند سوزان لانجر وكولنجوود وسوريو وسارتر وهيدجر، فالصورة الفنية وعمل الخيال هما الوظيفتان الأساسيتان للفلسفة.
14
ومع ذلك فالفن مجرد وسيلة للتعبير وليس فكرة وإن كان تجسيدا للفكرة. هو مجرد أسلوب في التعبير عن الدين أو الفلسفة أو العلم أحيانا وليس فكرا. والإدراك الجمالي أحد أنواع الإدراك مثل الإدراك الحسي والإدراك العقلي والحدس الفلسفي؛ ومن ثم يكون رد الفلسفة إلى الجمال هو رد للكل إلى الجزء وإغفال للمضمون من أجل الصورة وتضحية بالشيء المعبر عنه من أجل وسيلة التعبير. (6)
هل الفلسفة تفكير على العلوم الإنسانية مثل الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتاريخ والقانون؟ هل هي تفكير على ظروف كل عصر وأحوال كل مجتمع؟ هل هي تعبير عن روح العصر التي تظهر في العلوم الإنسانية؟ مما لا شك فيه أن الفلسفة تعبير عن ظروف كل عصر. تنشأ فيها، وتعبر عنها، وتؤثر فيها خاصة عندما تدخل الأفكار الفلسفية في نسق متكامل وتصبح «أيديولوجيا»؛ وبالتالي فهي مجرد تفكير على العلوم الإنسانية لما كانت هذه العلوم هي التي تعكس روح العصر. وبالفعل لا يوجد فيلسوف إلا وطبق مذهبه في السياسة أو الاجتماع أو الاقتصاد أو التاريخ أو القانون. فهناك «جمهورية أفلاطون» و«القوانين» وكتاب «السياسة» لأرسطو، و«دستور أثينا» و«مدينة الله» لأوغسطين، و«رسالة في اللاهوت والسياسة» لاسبينوزا، و«مشروع السلام الدائم» لكانط، و«فلسفة الحق» لهيجل، و«أسطورة الدولة» لكاسيرر، و«القنبلة الذرية ومستقبل الإنسانية» لياسبرز، و«الإنسانية والرعب» لميرلوبونتي، و«نقد العقل الجدلي» لسارتر، و«الإنسان ضد الإنساني» لجابريل مارسل، و«فكرة السلام» لشيلر، و«العقل والثورة» لماركيوز. كما لا يوجد فيلسوف إلا وتوج مذهبه في موضوعات السياسة والاجتماع أو الاقتصاد؛ فقد كتب مارسل البادوي «المدافع عن السلام»، وهوبز «الإنسان والمواطن»، وميكيافيلي «الأمير»، وروسو «العقد الاجتماعي»، ومونتسكيو «روح القوانين»، ومور «يوتوبيا»، وكرمويل «الكنيسة والدولة»، وبيرك «في الثورة»، وهيوم «كتابات سياسية»، ومل «الحكومة النيابية»، وبوزانكويه «فكرة الدولة»، وباكونين «الله والدولة» وأورتيجا «ثورة الجماهير»، وديوي «الديموقراطية». بل إن «رسل» قد خصص ربما نصف إنتاجه الفلسفي للموضوعات الاجتماعية والسياسية مثل «المجتمع الإنساني في الأخلاق والسياسة»، «مبادئ النظام الاجتماعي»، «التربية والنظام الاجتماعي»، «آفاق جديدة لعالم متغير»، «الحرية ضد النظام»، «السلطة والفرد»، «الطرق إلى الحرية»، «السلطة»، «جرائم الحرب في فيتنام». بل إنه تحدث في أكثر الموضوعات الاجتماعية شيوعا مثل «الحصول على السعادة»، «الزواج والأخلاق»، «مدح الجنون». بل إن هناك فلاسفة قد عرفوا كذلك بنظرياتهم السياسية فقط دون أن تكون لهم أبنية ميتافيزيقية أو مذاهب فلسفية مثل هارنجتون، والقديس جوست، وجوزيف دي ميستر، وجودوين، وبرودون، وماركس، وباكونين، وسولفييف، وكاوتسكي، وتروتسكي وغيرهم. كما ظهر فلاسفة في التاريخ يفكرون في تقدم الشعور وأصبحوا فلاسفة لا يقلون أهمية وأثرا عن الفلاسفة الخلص مثل هردر، وفيكو، وكوندرسيه، وكورنو، وكروتشه، وتوينبي، واشبنجلر، واكتون وغيرهم.
15
ولكن تحولت الفلسفة من هذا النوع عند البعض إلى تفكير طوباوي كما حدث عند مور، وعند دعاة الاشتراكية الخيالية، وأصبحت تعبر عن أماني وتمنيات أكثر مما تعبر عن واقع إنساني. كما تحولت عند البعض الأخير إلى أيديولوجيات تنتهي بالحزبية والتعصب والمذهبية؛ وبالتالي تفقد الفلسفة روح البحث الحر، والقدرة على الحوار. كما تحولت عند فريق ثالث إلى مذاهب سياسية ونظم اقتصادية مثل الرأسمالية والاشتراكية والفوضوية والقومية والنازية والدولية؛ وبالتالي تحولت إلى سلوك عملي تدافع عنه الدولة بالجيش والبوليس، وتفقد الفلسفة قدرتها على النقد الاجتماعي وعلى تغيير الواقع.
अज्ञात पृष्ठ