पश्चिमी दर्शन पर दार्शनिक अध्ययन (भाग दो)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
शैलियों
7 (3)
هل الفلسفة تفكير على الدين، وتأييد لعقائده وخدمة له، وفهم لنصوصه؟ لقد ارتبطت الفلسفة منذ نشأتها بالدين، وخرجت من المعابد والكنائس واشتغل بها رجال الدين. بل إن الفلسفة قد تكون تطورا طبيعيا للدين كما يقول بعض فلاسفة التاريخ مثل كونت في قانون الحالات الثلاث، وأن موضوع الفلسفة الأول وهو الوجود المطلق، هو بعينه موضوع الدين الأول وهو الله. وأن وسيلة المعرفة في الفلسفة - أي العقل أو الحدس - هي بعينها وسيلة المعرفة في الدين وهو الوحي أو الإيمان أو النبوة أو الإلهام بالرغم مما قد يبدو بين الوسيلتين من اختلاف عند البعض، ومن اتفاق عند البعض الآخر. وأن غاية الدين وهي النجاة في الدنيا والآخرة، هي بعينها غاية الفلسفة وهي الحصول على السعادة؛ ومن ثم كان الدين والفلسفة متفقين في الموضوع والمنهج والغاية. وقد ظهر ذلك بشكل واضح في تراثنا القديم عند الفلاسفة المسلمين. فالفلسفة والدين عند الكندي متفقان في الموضوع والغاية وإن اختلفا في المنهج، وعند ابن سينا طريقان يؤديان إلى نفس الغاية كما وضح من قصة «حي بن يقظان»، وعند ابن رشد: الفلسفة بالنسبة للشريعة هي الأخت الرضيعة، المتحدتان بالطبع، المتحابتان بالجوهر والغريزة، وإنما يكمن الخلاف بينهما في الظاهر، ومن هنا أتت ضرورة التأويل. ويعظم الخلاف بينهما عند العامة التي لا تقدر على التأويل، وعند رجال الدين الذين يدافعون عن مناصبهم المزورة ويضطهدون الحكماء الذين يكشفون عيوبهم. بل إن غاية الفيلسوف هي بيان هذا الاتفاق بين الشريعة والحكمة، وبين الدين والفلسفة.
8
وقد وضح هذا الاتجاه أيضا لدى آباء الكنيسة الأوائل خاصة عند جيستان الذي كان يرى سقراط مسيحيا؛ فالفلسفة هي محبة الحكمة، والمسيحية هي المحبة، ومن ثم فلا خلاف بين الفيلسوف والمسيحي. وقد استمر هذا التيار أيضا في الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط عندما بدأ الجدل يسيطر على اللاهوت عند بيرانجيه التوري، ونيقولا الأمياني، واستمر عند أبيلار. كما ظهر بوضوح عند الرشديين اللاتين وفي مقدمتهم سيجر البرابنتي وغيره من تلاميذ المسلمين. كما ظهر في العصر الحديث كله ابتداء من ديكارت والديكارتيين خاصة اسبينوزا الذي أمكنه استنباط كل حقائق الإيمان من العقل الخالص. وقد بلغ ذلك الذروة عند هيجل عندما تحول الدين إلى فلسفة، والتثليث إلى جدل، والقيامة إلى تاريخ. كما تحولت الفلسفة إلى دين، والمطلق إلى إله، والعقل إلى وحي. لم يعد هناك فرق بين الفلسفة والدين ... وكلاهما تحققان للفكرة، ومظهران للمطلق؛ ومن ثم لحق هيجل بتراثنا الفلسفي القديم الذي أصبح فيه النبي هو الفيلسوف والفيلسوف هو النبي.
9
ولكن ارتباط الفلسفة بالدين جعلها خادمة له وأفقدها القدرة على التفكير المستقل وحرية البحث. أصبحت الفلسفة خادمة للدين ومبررة له مما أحدث رد فعل عنيفا للفلسفة التي أصبحت عند البعض الآخر في مواجهة الدين، ومعارضة له. فبدل أن كانت خادمة للدين أصبحت سيدة له. حينئذ يتحول الدين إلى مجرد خرافات وأساطير من الناحية النظرية وإلى شعائر وطقوس من الناحية العملية، وإلى سلطة ومؤسسات وهيئات من الناحية التنظيمية، وتصبح الفلسفة هي الحامل للواء العقل والحرية والعمل، تعيد الإنسان إلى العالم بعد أن استلبه الدين خارجا عنه كما ظهر ذلك بوضوح عند فيورباخ في «جوهر المسيحية».
10
وقد ظهر هذان الاتجاهان نفسهما في تراثنا القديم؛ الأول يريد جعل الفلسفة خادمة للدين كما وضح عند الأشاعرة بجعلهم النقل أساس العقل؛ والثاني جعل الفلسفة مستقلة عن الدين كما وضح عند المعتزلة بجعلهم العقل أساس النقل. وقد ظهر رد الفعل على الاتجاه الأول عند ابن الرواندي وعند الرازي؛ ولذلك لم تحفظ مؤلفاتهما خاصة عن النبوة، وما زلنا حتى الآن في حركاتنا الإصلاحية الأخيرة وفي نهضاتنا المعاصرة نتصور ارتباط الفلسفة بالدين كما هو الحال في «الجوانية».
11 (4)
هل الفلسفة تفكير على العلم، وتأمل في نتائجه وحل لمشاكله وتبن لمنهجه ونظر في موضوعاته؟ لقد ارتبطت الفلسفة دائما بالطبيعة وهي ميدان العلم وموضوعه الأول منذ الطبيعيين الأوائل عند اليونان. بل إن العلم ذاته قد نشأ من ثنايا فلسفة الطبيعة ثم ساعد على ازدهارها بعد نشأته. كانت فلسفة الطبيعة مادة للعلماء كما كان العلم مادة لفلاسفة الطبيعة. وازدهرت الفلسفة الطبيعية في القرن التاسع عشر بانتصار العلم وإثر الاكتشافات العلمية الهائلة، واكتشاف علوم الحياة بالإضافة إلى علوم الطبيعة، وبعد نظرية التطور وأثرها على التصور العلمي للحياة وللكون، وفي هذا القرن نشأت فلسفة علمية، تختار من العلم المنهج الدقيق لا الموضوع الطبيعي، فاقتصرت الفلسفة على تحليل اللغة، وتحولت إلى علم مضبوط. كما تحولت فلسفات الطبيعة إلى أطر نظرية للمذاهب الاشتراكية كما هو الحال عند ماركس وأنجلز، أو إلى أسس ميتافيزيقية لفلسفات الوجود كما هو الحال عند هيدجر وبقية الطبائعيين الأوائل قبل سقراط، أو عند ميرلوبونتي وبرجسون واعتمادهما على الطبيعة البشرية من خلال علم النفس وعلوم الحياة بوجه عام.
अज्ञात पृष्ठ