ومن الوقائع المشهورة تحت جبل كنن، وقعة كانت عند الماء جانب هجرة نعظ(1) وهي؛ أن فليت رتب على الماء رتبة قوية من الخيل والرجال، وضاق الحال على الأمير ومن معه لقلة الماء، فصدر(2) الأمير الناصر لدين الله الشيخ مخلص الدين جابر في خيل، فنزل من شرقي الجبل، من موضع لم تعلم به الرتبة، وسار إلى أن واقعهم، فما شعروا إلا وقد صار قريبا منهم، فصف لهم الغز، فحملوا عليهم حملة صادقة، فهزموهم هزيمة قبيحة، قتلوا من الغز جماعة، وأخذوا خيامهم وثقلهم، وربطوا منهم جماعة، فلم يقف منهم على الماء رتبة بعد ذلك.
وقد كان فليت قدم خيلا وأمراء كثيرة حتى أشرف من في الجبل على الهلاك، فمن الله بهلاك فليت في خلال ذلك، لا -رحمه الله-، فانتقض لذلك كثير من أمور العجم، وأنهوا أمرهم إلى الملك المسعود يوسف بن الملك الكامل صاحب مصر وهو في حصن تعز باليمن، فطلع إليهم على سبيل الغارة بمن بقي من عساكره، فلما وصل بير الخولاني، جمع عسكرا في اليوم الثاني، ونهض لحصن الريشة وأخذه قهرا بالسيف فانتقضت أمور سنحان، وداخلهم الذل والفشل وكثير من العشائر.
فلما رأى الناصر لدين الله ما داخل الناس، مع اختلال عشائره في بلاده، وقيام الداعي واستيلائه على صعدة وأعمالها ونجران، وانتقضت المغارب، كاتب الأمير ذي الشرفين عمه يحيى بن حمزة وطالع جميع أمرائه وأصحابه ومقدميه إلى ظفار المحروس، فأجمع رأي الكل على صلح العجم وتغطية الحال.
पृष्ठ 175