शाम में उमय्यद राज्य
الدولة الأموية في الشام
शैलियों
أحوال الاجتماع الأموي
أتحنا لأنفسنا في الفصل الذي سلف أن نزور دمشق في أواخر عهد الوليد، وأن نتمتع بمناظرها الجميلة الفتانة، وأن نشاهد عمرانها، فرأينا المسجد الجامع وقصر الخضراء، ثم تجولنا في أطرافها فكحلنا العيون بمرأى الغوطة الملتفة الأشجار ونهر بردى مع روافده السبعة، وإننا الآن نود لو نسير وإياك فنختلط مع سكانها كبيرهم وصغيرهم، شريفهم ووضيعهم؛ لنتعرف إلى أحوال اجتماعهم وطراز حياتهم وأساليب تجارتهم وأنواع نقودهم وشكل بريدهم ومعاني التربية والأخلاق عندهم، إننا بذلك نفهم ما ورثنا من عادات وتقاليد، وما طرأ عليها من التطور والتغيير خلال هذه العصور. (1) التجارة
اشتدت الحركة التجارية في الشام حينما كثرت الأموال وبدأ الأغنياء ينزعون للترف ويقلدون البيزنطيين في لبس الحرير واتخاذ الأثاث الغالي في بيوتهم، فكنت ترى التجار من الفرس والبيزنطيين والأندلسيين والصقالبة وبعض العرب يجلبون من المغرب الخدم والجواري والغلمان والديباج وجلود الخز والفراء والسمور والسيوف، ثم يمضون إلى المشرق فينتابون السند والهند والصين فيحملون منها المسك والعود والكافور والدارصيني، وقبلتهم في ذهابهم وإيابهم دمشق عاصمة الخلافة، وكانوا يسافرون من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق برا وبحرا، أما الطرق التي يتبعونها في رحلاتهم الطويلة فكانت إما من فرنسا إلى مصر - من فرنجة إلى الفرما - ومنها يركبون البحر الأحمر - القلزم - إلى جدة، ثم يمضون إلى الصين والهند ، وإما من فرنسا إلى أنطاكية فالجابية، ثم يركبون في الفرات فالدجلة إلى بغداد فالبصرة، ومنها يبحرون إلى عمان فالهند.
1
واشتهر لدى الدمشقيين جماعات التجار الصقالبة، وكان يحمل هؤلاء جلود الخز وجلود الثعالب السود والسيوف من أوروبا، فيبحرون إما من فرنسا وإما من الأندلس إلى السوس الأقصى، فيصيرون إلى طنجة ثم إلى تونس فمصر فالرملة فدمشق فالكوفة فبغداد فالبصرة فالأهواز ففارس فكرمان فالسند فالهند فالصين، وكان يصحبهم في رحلاتهم الخدم الصقالبة المستعربة وغير المستعربة فيترجمون لهم.
أما البلاد الشامية فكانت تصدر الزيت والصابون والفواكه والحبوب والكاغد والثياب والسكر والزجاج والقطن والحديد والحوارة - وبه تبيض السقوف والسطوح - والحجارة البيضاء والرخام وغيرها، وقد ذكر المقدسي ما تصدره كل بلد في الشام، فقال: «يرتفع من فلسطين الزيت واليقطين والزبيب والخرنوب والملاحم والصابون، ومن بيت المقدس الجبن والقطن والتفاح والمرايا وقدور القناديل والإبر، ومن بيسان النيل والتمور، ومن عمان الحبوب والخرفان والعسل، ومن طبرية شقاق المطارح والكاغد، ومن القدس الثياب المنيرة والبلعيسية والحبال، ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات، ومن مآب قلوب اللون، ومن بيسان الأرز، ومن دمشق المعصور والديبا ودهن البنفسج والصفريات والكاغد والجوز، ومن حلب القطن والثياب والأشنان والمغرة وقصب السكر والرطب والزيتون والنارنج والجوز والهليون والموز والسماق والكرنب والكمأة والترمس.»
2
وتعامل التجار الأجانب في المملكة الأموية بواسطة النقود البيزنطية والفارسية، وقد عرفها العرب منذ الجاهلية، فقال البلاذري: «كانت دنانير هرقل ترد على أهل مكة في الجاهلية وترد عليهم دراهم الفرس البغلية، فكانوا لا يتبايعون إلا على أنها تبر»،
3
وكانت مختلفة الأوزان فوزن بعضها عشرين قيراطا واثني عشر قيراطا، والبعض الآخر عشرة قراريط.
अज्ञात पृष्ठ