58

Cutting Ties to Reflect on the Servitude of the Creatures

قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق

प्रकाशक

مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٤٣ هـ

प्रकाशक स्थान

القاهرة - مصر

शैलियों

ولقد رأى النبيُ ﷺ جبريلَ على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها مرتين، أما الرؤية الأولى: فقد وقعت في الأرض في بداية نزول الوحي، وتتابع الوحي بعدها فنزلت بعدها سورة المدثر. ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله ﵄ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ - أي انقطاع - الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - إلى - والرجز فَاهْجُر) (^١). وهذه الرؤية هي التي ذكرها الله ﷾ بقوله: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير: ٢٣) قال ابن كثير ﵀-: "يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريلَ الذي يأتيه بالرسالة عن الله ﷿ على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، (بِالأفُقِ الْمُبِينِ) أي: البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء (موضع بمكة)، وهي المذكورة في قوله: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إَلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم: ٥ - ١٠)، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره، والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل ﵇. والظاهر-والله أعلم -أن هذه السورة - يعني سورة التكوير -نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية، وهي الأولى. وأما الثانية: وهي المذكورة في قوله: (وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) (النجم: ١٣ - ١٦)، فتلك إنما ذكرت في سورة " النجم "، وقد نزلت بعد سورة الإسراء " انتهى. (^٢) قال ابن مسعود ﵁ في تفسير هذه الآية: "رأى جبريلَ له ستمائة جناح". (^٣) وهذا ما قرره العلماء.

(^١) - رواه البخاري: (٤٦٤١) ومسلم: (١٦١٦). (^٢) -تفسر ابن كثير: (٨/ ٣٣٩). (^٣) رواه البخاري: (٣٢٣٢)، ومسلم: (١٧٤).

1 / 56