قلت: ولا سوى فإنا قلنا قد تقدمت الفائدة الحكمية التي يعرفها المخاطبون بها ويعقلها التالون لها فإذا نسخ الحكم وتغيبت التلاوة وبقيت التلاوة لم يخرج عن أن يكون مفهوما مفيدا ففارقناهم بتلك، ومثال المسألة قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية ...}الآية نسخت بقوله عز وجل:{ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} فنسخ إيجاب الحول مع بقاء تلاوته وكذلك نسخ حكم الوصية مع بقاء التلاوة وكذلك حكم وجوب الصدقة قبل المناجاة نسخت والتلاوة باقية.
المسألة الثامنة: هل من شرط النسخ إثبات البدل أم لا
ظاهر ما ذكره الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليهم السلام أنه يجوز، قد أشار عليه السلام في مختصره إلى ذلك بأن قال: النسخ يكون بالتخصيص ويكون أيضا شدة التكليف إلىآخر ما سرده في كلامه عليه السلام.
قلت أنا: ومن التخفيف النسخ لا إلى بدل، وهو مذهب الإمام المنصور بالله عليه السلام قد صرح بذلك في [28] كتابه وهو مذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين، وهو المختار عندي، والوجه في ذلك ما قد يقرر من أن الشرائع مصالح وأن الله تعالى يكلف على حسب المصالح كما قدمناه.
إن قيل: قال الله تعالى {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أومثلها} فأثبت النسخ إلى بدل.
قلت: قد تقدم الكلام في هذه الآية وأنها ليست في ذلك وأنها إنما بدل على خيره أو مثلية ما فيكون المراد بأكثر منها نفعا أو مثلها نفعا.
पृष्ठ 60