============================================================
غرض صحيح، أو يميل الى قول الناس له إذا مر عليهم وعلى وجهه نور:شيء لله، أو: المدد يا سيدي الشيخ، ونحو ذلك، فإن ذلك كله يرجع إلى الرياء ولو لم يصاحب العبادة.
ال ي قول سيدي علي الخواص رضي الله عنه: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل نوره في قلبه ليعرف ما يأتي وما يذر من الحسن والقبيح، وجعل وجهه كآحاد الناس، وإذا أراد الله بعبد سوءا نقل النور الذي في قلبه على وجهه وأخلى باطنه من النور وجعله مظلما ليقع في كل فاحشة وفي كل رذيلة، ويقول له الناس مع ذلك : " شيء لله، المدد يا سيدي الشيخ .. لما يرونه من النور الذي على وجهه مع أن قلبه خراب مظلم، وقد أمرنا الله تعالى بالستر لأعمالنا في هذه الدار فلا يظهر لنا كمال إلا في محل يقتدى بنا فيه، وربما ظهر كمال العبد بميل خفي لا يشعر به فليفتش العبد نفسه انتهى: ل وقال أحد العارفين رضي الله عنهم: الكامل المكمل من كان على عبادة الملائكة، ومع ذلك لم يظهر على ظاهر منه شيء؛ فهذا هو الذي يخرج من الدنيا وأجره موفور لا ينقص منه ذرة، ومن هنا ترك بعض الأكابر العمامة والسبحة وتربية الشعر ولبس الصوف والجلوس على السجادة، ودخلوا في غمار العامة فلا يكادون يتميزون عن العامة بهيئة، فإن هذه الأمور قد صارت علما على أن صاحبها من أهل الطريق، وأما من لبس الطيلسان وأرخى عذبة عمامته ولبس الصوف وجلس على سجادة بلا نية صالحة فكأن كل شعرة منه تقول للناس: أنا من الصالحين، ومحك ذلك : أنه إذا ترك تلك اللبسة ولبس ثياب العوام على الدوام يجد في نفسه استيحاشا، لأن هيئة المشيخة فارقته وما هو شيخ إلا بها، فصار كالحداد بلا فحم. قال الامام الشعراني = رضي الله عنه -: وقد طلبت مرة أن أعمل لي شملة حمراء كالأحمدية فشاورت سيدي عليا الخواص، فقال إن قدرت تقوم بواجبها فالبها، فقلت) 192
पृष्ठ 81