ومثل هذا سائغ في الاستعمال أن يُنزل الشيءُ منزلةَ ما يصاحبه ويقارنه حتى يقول المحب للمحبوب: أنت روحي، وسمعي، وبصري، وفي ذلك معنيان:
أحدهما: أنه قد صار بمنزلة روحه وقلبه وسمعه وبصره.
والثاني: أن محبته وذكره لما استولى على قلبه وروحه صار معه وجليسه، كما جاء في الحديث: "أنا جليس من ذكرني" (^١)، وفي الحديث الآخر: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه" (^٢)، وفي الحديث الإلهي: "فإذا أحببتُ عبدي كنت له سمعًا وبصرًا ويدًا ومؤيدًا" (^٣)، ولا يعبر عن هذا المعنى بأتم من هذه العبارة ولا أحسن ولا
(^١) رواه ابن شاهين في "الترغيب" -كما في "الدرر المنتثرة" للسيوطي حديث رقم (٤٠)، وكما في "كنز العمال" رقم (١٨٦٥) -، من طريق محمد بن جعفر الداني عن سلام بن مسلم عن زيد العمي عن أبي نصرة عن جابر عن النبي ﷺ أن اللَّه ﷿ قال لموسى: "يا موسى أما علمت أني جليس من ذكرني وحيث ما التمسني عبدي وجدني".
ثم قال السيوطي: "محمد بن جعفر وشيخه متروكان، وزيد العمي ليس بالقوي".
وأورده الديلمي في "الفردوس" برقم (٤٥٣٣) من حديث ثوبان نحوه.
(^٢) علقه البخاري في "صحيحه" (١٣/ ٥٠٨)، ووصله ابن ماجه في "سننه" رقم (٣٧٩٢)، من حديث أبي هريرة ﵁، وصححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه برقم (٨١٥).
(^٣) هذا جزء من حديث الوليّ من رواية أنس بن مالك، أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب "الأولياء" رقم (١)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ١٢٧) وليس فيه محل الشاهد، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٣١٨ - ٣١٩)، وابن الجوزي =