المُتَفَهِّم لمعناهُ ولَفْظهِ مَعَ طيب ألحانِهِ. فأمَّا المُقْتَصِرُ على طيبِ اللَّحْنِ مِنْهُ دون مَا سواهُ فَنَاقِصُ الطَّرَب.
وَهَذِه حالُ الفَهْمِ فِيمَا يَردُ عليهِ من الشِّعر المَوْزون مَفْهومًا أَو مَجْهُولا.
وللأشعارِ الحَسَنَةِ على اختِلاَفِها مَواقِعُ لطيفَةٌ عِنْد الفَهْم لَا تُحدُّ كَيْفِيَّتُها كمواقعِ الطُّعُوم المُركَّبَّةِ الخَفِيَّةِ التَّركيبِ اللَّذيذةِ المَذَاقِ، وكالأرَاييحِ الفَائحةِ المُخْتَلفِة الطِّيبِ والنَّسيمِ، وكالنُّقوشِ المُلَوَّنَةِ التَقَاسيم والأصْبَاغ، وكالإيقاعِ المُطْرِبِ المُخْتَلِفِ التَّأْلِيف، وكالمَلاَمِس اللَّذيذةِ الشَّهية الحَسِّ، فَهِيَ تلائمهُ إِذا ورَدَتْ عَلَيْهِ؛ أعْني: الأشعَارَ الحَسَنةَ للفَهْم، فيلتَذُّها، ويَقْبَلُها، ويرتشفُهَا كارِتشَافِ الصَّديان للبَاردِ الزُّلاَلَ، لأنَّ الْحِكْمَة غذاءُ الرُّوحِ؛ فأنْجَعُ الأغذية ألْطَفُهَا. وَقد قَالَ النَّبِي -[ﷺ]- " إنَّ من الشِّعر حِكْمَةً " وَقَالَ ﵇: " مَا خَرَجَ من القَلب وَقَعَ فِي القَلْب، وَمَا خَرَجَ من اللِّسَان لم يتَعَدَّ الآذَان ".
فَإِذا صَدَق وُرُودَ القَوْل نَثْرًا ونَظْمًا أبْهَج صدرَهُ.
1 / 22