وافرا خصوصا حال العبادة ولا يمكن الشيطان من الاستيلاء عليه في كل الأوقات فيصير عبد سوء ويبعد عن رضا الله وثوابه ويحرم التوفيقات الإلهية ويصير من الأخسرين أعمالا نعوذ بالله من ذلك ولا يخفى أن كثرة التعلقات الدنيوية لا يحصل معها تمام الإقبال على الله تعالى إلا للمؤيدين من عنده كالأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) فإنهم ما كانوا يشغلهم عن الله شاغل أصلا لصفاء نفوسهم وعلو همتهم وكثرة علمهم بعظم الله وجلاله وأما من عداهم فبقدر تعلقهم بالدنيا يبعدون عن الله تعالى لقصور نفوسهم ولهذا كان بعض الملوك والأكابر إذا كثر علمهم بالله وعلت همتهم ولحظتهم العناية الربانية تركوا الدنيا وتعلقوا بالله وحده كإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وأهل الكهف فإنهم لكمال رشدهم لا يرضون أن يشتغلوا قلوبهم بغير الله لحظة عين ولكن هذه مقامات آخر ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ولا يسقط الميسور بالمعسور.
والحاصل أنه بقدر همة الإنسان ورشده يكون تعلقه بالله تعالى سواء كان مع ذلك تعلق بالدنيا أم لا قل ذلك التعلق أم كثر.
هذا آخر ما تيسر كتابته امتثالا للأوامر العالية لا زالت عالية إلى يوم الدين كتبناه عجالة الوقت مع شغل البال وتشتت الحال ليكون أنموذجا للحضرة المؤيدة المسددة ليترقى بفكره الصائب وفهمه الثاقب إلى ما هو أعلى مرتبة من ذلك فإنه غصن الشجرة النبوية بل ثمرة تلك الأغصان العلوية جعله الله في الدنيا محفوظا برعاية
पृष्ठ 46