सिल्म अदब नफ्स
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
शैलियों
فجودة الشيء تتوقف على الحكم العقلي بأنه غاية مرغوبة مبتغاة، وجمال الشيء يتوقف على «الذوق العقلي» الذي نبهه الإعجاب بهذا الشيء. الجميل أحدث إعجابنا لأنه صاقب ذوقنا، وقد لا نبتغيه فلا نقول: إنه جيد، بل نكتفي بالقول: إنه جميل؛ لأن الجودة تتوقف على الابتغاء، والجيد لا شأن له في قوة الحكم فينا لنقرر إن كان غاية مرغوبة أو لا.
فقد أعجب بالموسيقى ولكني لا أبتغي التمتع بها؛ لأني لا أريد أن أدفع ثمن تذكرة دخول إلى حفلة الغناء، أو لا أبتغي أن أتعلم الموسيقى لأني أنفر من مشقة تعلمها، كذلك أعجب بالحديقة الغناء ولكني مشغول عن الطواف فيها للتمتع بجمالها. (3-3) تلازم الجمال والجودة
ومع ذلك لا نستطيع أن نجرد الجمال من الجودة كل التجريد؛ لأننا في حين نجتذب إلى الجميل نكون متمتعين بجماله، ولا نجتذب إليه ما لم يقع تحت حواسنا، ومتى وقع تحت حواسنا أصبحنا متمتعين به، وإنما نعجب بذكرى الجميل الذي أعجبنا واجتذب حواسنا، ومع ذلك لا تخلو هذه الذكرى من شيء من التمتع؛ إذن الجميل وإن كان متميزا عن الجيد فهو مصطحب له دائما. (3-4) الحق المطلق والجمال غير المطلق
وهناك فرق آخر بين الجمال والجودة، وهو فرق عقلي بحت؛ فالجيد يحتمل الحكم فيما كان حقا أو صوابا، أو ضلالا أو خطأ، ولكن الجميل لا يحتمل هذا الحكم؛ فقد يمكن أن تبلغ إلى الحق المطلق، وأما إلى الجمال المطلق فلا تبلغ؛ لأن جماله متوقف على حكم الذوق لا على حكم العقل المنطقي: فما يكون جميلا عندك قد لا يكون جميلا في نظر غيرك.
ولكن الحق المطلق واحد للجميع إذا فهمه الجميع؛ فلا ريب عندك وعند غيرك أن الصعود أصعب من النزول، وأن الجوع ألم والشبع لذة، وأن الاعتدال أسلم عاقبة من التهور. ولكن الشرقي يختلف عن الغربي في تذوق الموسيقى؛ فالموسيقى الشرقية لا تلذ للغربي، والعكس بالعكس. وقد تستحسن هذه الصورة وغيرك لا يستحسنها؛ ولهذا قيل: «ما على الذوق جدال.» (3-5) الجودة حيوية والجمال روحاني
وهناك فرق آخر بين الجمال والجودة؛ فالجودة تتوقف على تحريك الغرائز الشهوانية لابتغائها، فهي تجاوب حاجة طبيعية في الشخصية، ولكن الجمال يتوقف على بغية النفس للمثل الأعلى، فهو روحاني أكثر مما هو جسداني، وهو المحور الذي يدور حوله الرقي الإنساني في هذا الموضوع من كتبنا السالفة كلها. انظر أيضا الفصل الرابع حرف (أ). (4) الحسن السار (4-1) هل كل مسرة جيدة؟
بقي أمر آخر لا يحسن بنا أن نتجاوزه إلى المواضيع الأخرى؛ لأنه حلقة جوهرية في سلسلة أبحاثنا، فإذا تجاوزناه انقطعت السلسلة؛ وهو: هل كل مسرة جيدة؟ وأية المسرات أجود؟
نحن في محيط من بواعث الأفعال المؤدية إلى غايات مرغوبة هي سارة - على الغالب - وكثيرا ما نجد أنفسنا في ظرف أو ظروف مختلفة تزين لنا مسرات مختلفة، بعضها قريبة وبعضها بعيدة، سهلة المنال وبعضها صعبة، فأيتها هي المسرة الجيدة؟ لديك الخمرة؛ فاحتساؤها غاية مرغوبة سارة، ولكن الامتناع عنها مخافة إدمانها غاية سارة أيضا، فأيهما الجيدة أو أيهما أجودهما؟ السكير يقول: احتساؤها أجود، والصاحي يقول: بل الامتناع عنها أجود. إذن هنا نحتاج إلى قوة الحكم العقلي للاختيار بين جيدين: جودة الثمل، وجودة سلامة الصحة.
مثال آخر: لدى المتمول مشروعان أو مشروعات مختلفة؛ فأولا: أنه يبتاع أسهما مالية عرضة للصعود والنزول، وهو يرجح الكسب، وثانيا: أنه يشتري عقارا مضمون الربح، ولكن ربحه أقل من ربح الأسهم، وثالثا: أنه يتاجر بأضعاف وافرة الربح وأقل خطرا من المضاربة بالأسهم، ولكنها مع ذلك عرضة للخسارة. وكل هذه غايات مرغوبة سارة، ولكن أيها الجيد أو الأجود. فهنا يستلزم الأمر انتداب العقل للحكم بين التهور والاعتدال والخوف من الخسارة. هنا ثلاثة أخلاق محركة تدفع لثلاثة أفعال مختلفة، وتؤدي إلى ثلاث غايات سارة، وللعقل أن يحكم أيها أجود.
مثال آخر: أنت في مجتمع حافل: فهنا مرقص، وهنا دائرة غناء، وهنا دائرة مقامرة، وكلها سارة، فأيها الجيد الذي تختاره؟
अज्ञात पृष्ठ