सिल्म अदब नफ्स
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
शैलियों
وهذا البحث يسوقنا إلى كلمات جوهرية عن العقاب والثواب، وطبيعتهما، وحدودهما، والغرض منهما، وتأثيرهما. (3) العقاب (3-1) الصلاح والشر مصحوبان بثوابهما وعقابهما
الإثم زيغان عن جادة الصواب إلى ناحية الخطأ، ونتائج الخطأ دائما سيئة مؤلمة مؤذية؛ فلذلك يمكن القول كقاعدة مطردة: إن الإثم يصطحب معه شرا؛ أي أذى، كما أن العمل الصالح يصطحب معه خيرا. ولا بد أن يرتد مدى شر الإثم على الآثم بأية طريقة، فيكون الأذى الذي يصيبه منه كعقاب له، كما أن صدى الخير الناجم عن العمل الصالح يرتد إلى عامله كثواب له، فإذا صح هذا القياس كان الآثم يجلب عقابه معه، والصالح يجلب ثوابه معه.
أما أن القياس صحيح فلأن العمل الصالح إنما هو العمل الموافق لرقي المجتمع ونجاح جميع أعضائه، والمرء الفاضل الذي يجاهد في الأعمال الصالحة إنما هو مجاهد إلى جانب المجتمع ومعه وبموافقته، ومتعاون مع سائر أفراده؛ ولذلك ينتظر أن ينجح عمله كنتيجة لنجاح المجتمع العام، ولما يناله من معاونة المجتمع له وموافقته.
وكذلك العمل الطالح «أو الآثم» إنما هو العمل المخالف لرقي المجتمع ونجاح أعضائه. والمرء الشرير الذي يعمل طالحا إنما هو مجاهد ضد المجتمع، ومحارب لرقيه، ومقاوم لنجاحه؛ لذلك لا ينتظر أن ينجح في مساعيه لمقاومة روح المجتمع له، ومناهضة أعضائه إياه، ولأن له نصيبا من الأذى يورثه صلاحه للمجتمع.
إذا تأملت جميع أحوال من تعرفهم جيدا من الناس الصالحين والطالحين، وما تقلبوا عليه من خير وشر، وجدت أن الشواهد على هذه النظرية الآنفة صادقة كثيرا؛ فما من بار إلا تمتع بقدر وافر من الهناء في حياته الزمنية، وكذلك ما من شرير إلا قاسى في حياته كثيرا من رزايا شروره. (3-2) عكس النظرية الآنفة
وهنا لا بد أن يتمثل في ذهن القارئ ما يناقض هذا القول؛ لأنه يرى كثيرين من الأشرار ناجحين يتمتعون، كما أنه يرى كثيرين من الأبرار فاشلين يقاسون، وربما كان الأشرار المتمتعون أكثر من الأبرار المتمتعين، والأبرار المقاسون أكثر من الأشرار المقاسين.
أجل إن الأمر لكذلك، وببالرغم من وجاهة هذا الاعتراض تبقى النظرية التي نحن بصددها صحيحة، أي أن الآثام لا بد أن تنتج شرورا ومصائب، فإن لم يرتد صداها إلى فاعلها في الحال أو في الغد القريب، فلا بد أن يرتد في الغد البعيد، فإن لم تدركه في إبان عجزه أدركته في أواخر أيامه، وإن لم تدركه في شيخوخته أدركت ذريته من بعده.
وإذا اعتبرنا الحياة الإنسانية حياة السلالة لا حياة الفرد، كان عقاب الإثم واقعا على فاعله معجلا. وبهذا الاعتبار يصح القول: «إن الآباء يأكلون الحصرم والبنين يضرسون.» وبهذا الاعتبار ينتفي الحيف الذي يتراءى لنا في الوصية الثانية من وصايا الله العشر عن يد موسى: «افتقد ذنوب الآباء في الأبناء.»
1
كذلك الأمر في الصلاح؛ فإن ثواب المرء البار يدركه معجلا أو مؤجلا، أو يدرك ذريته من بعده، وإذا لم يتمتع في حياته بثمرة نجاح عمله، فلا بد أن يتمتع بلذة نجاح مبدئه الذي يجاهد لأجله. إن غاليلو الذي كان يضطهد لأجل دعايته بنظرية دوران الأرض كان مسرورا عظيم السرور؛ إذ كان يرى أن دعايته ناجحة، وأن أتباعه يزدادون. (3-3) منشأ العقاب
अज्ञात पृष्ठ