استقى شكسبير موضوع هذه القصة من الأديب الإيطالي بوكاشيو، الذي ألف قصة «ديكاميرون»، وأجراها على نسق كتاب «ألف ليلة وليلة»، وجعلها نوادر تقص تباعا يوما بعد آخر. وفي اليوم الثالث يحكي المؤلف القصة التاسعة، وتكاد في جملتها وجوهرها تماثل مسرحية شكسبير.
وقد اقتبسها الشاعر من ترجمة لبوكاشيو، أصدرها «وليم بينتر» في عام 1566، مع قصص أخرى، جعل عنوانها «قصر اللذات».
وفيما يلي خلاصة القصة كما كتبها بوكاشيو:
كان «إيزناردو» كونت روسيليون، أحد أشراف فرنسا، رجلا اصطلحت العلل عليه، فدعا إليه طبيبا يدعى «جيرادودي ناربونا» ليلازمه ويشرف على تطبيبه. وكان له ولد لم ينجب سواه، فنشأ الغلام وترعرع بجانب ابنة الطبيب: وهي «جيليتا»، فأحبته الصبية ولكنها لم تكاشفه، بل كتمت حبها في صدرها؛ إذ أدركت الفارق الاجتماعي الكبير بينها وبين الأمير الصغير.
وقضى الكونت نحبه، فأصبح ابنه في رعاية ملك فرنسا، بحكم التقاليد؛ إذ كان أبناء الأشراف حين يموت آباؤهم، وهم بعد في سن الحداثة أو مطالع الصبا، يوضعون في حماية الملك ورعايته. فانتقل الفتى إلى باريس ليقيم في البلاط، ولم تستطع «جيليتا» أن تتبعه، ولكنها علمت أن الملك يشكو من «خراج» أليم في الصدر عجز الأطباء عن إبرائه منه، فانتوت الفتاة الاستعانة بوصفة دواء كان أبوها قد تركها من بعده، على علاج الملك من علته. فسافرت إلى باريس، وتمكنت من المثول بين يديه، وإقناعه بتجربة دوائها، فإذا برئ من المرض، كافأها، على جهدها. وقد اشترطت أن يأذن لها في اختيار زوج لها من بين الأمراء الشباب في حاشيته، فرضي الملك ووعدها إذا برئ من علته أن يكون لها ما طلبت.
وقد شفي الملك حقا، وبر الملك بوعده، فدعا إليه الشباب، واختارت «جيليتا» فتاها من بينهم، فغضب «بلترامو» - الكونت الصغير - واستعفى، ولكن الملك أصر على أن تكون له زوجا، فلم يجسر على مخالفة أمره.
ولم يكد يتم الاحتفال بالقران، حتى لاذ الشاب بالفرار إلى «تسكانيا» ليحارب في صف دوق فلورنسا، وكان في قتال حيال أهل مدينة إيطالية أخرى تدعى «سيينا»، بينما رجعت «جيليتا» إلى قصر «روسيليون» حيث استقبلت استقبال «الكونتة» الصغيرة، وعكفت على إدارة ضياع زوجها بحكمة بالغة حتى ظفرت بقلوب الزراع، واكتسبت إعجابهم وبعثت برسولين إلى «بلترامو» ترجو إليه أن يعود، فرد عليها مع الرسولين قائلا: «لتفعل ما تشاء لأني لن أعاشرها حتى تلبس هذا الخاتم في إصبعها، وتحمل بين ذراعيها ولدا تلده مني ...».
واشتد بها الأسى حين عرفت هذين الشرطين، واعتزمت أن تقضي بقية العمر بتولا ناسكة. ثم تزيت بزي الحجاج، وشخصت إلى فلورنسا، حيث عرفت أن «بلترامو» يحب فتاة فقيرة ولكنها طاهرة الجيث عفة، وتقيم مع أمها في المدينة. فذهبت إليهما وقصت عليهما القصص، ووعدت الفتاة مهرا سخيا إذا هي وأمها قبلتا ما هي عارضة عليهما قائلة: «أريد أن توفدا رسولا موثوقا به إلى الكونت لينبئه أن الفتاة تحت أمره، وأنها لكي تستوثق من أنه يحبها دون سواها ترجو أن يرسل إليها خاتما لتلبسه في إصبعها، وهو خاتم سمعت بأنه شديد الاعتزاز به، فإذا أرسله إليها، أخذته أنا منها، وتتولى هي إرسال كتاب إليه تقول فيه إنها لا تتردد في النزول على مشيئته، وتعين له في فحمة الليل موعدا للخلوة بها، فإذا جاء حللت أنا محلها. ومن يدري لعل الله مقبض لي ولدا منه، فيتم ما اشترطه، وهو الخاتم في إصبعي، والولد بين ذراعي، ولعلي بهذا مستردة زوجي بفضلكما ...».
ولكن والدة الفتاة ترددت في بداية الأمر متكرهة، ثم ما لبثت أن أقبلت الفكرة، وحقق الله للزوجة المقصية سؤالها، فولدت منه ولدين، وتكررت الخلوات على الأيام وهو في كل مرة لا يدري أنها زوجه، بل يحسبها المرأة التي أحبها.
وعلم الكونت «بلترامو» أن زوجه قد غادرت قصر أبويه فعاد إليه، في حين لبثت «جيليتا» مقيمة في فلورنسا حتى وضعت «توأميها»، فعادت وهي لا تزال في زي الحجيج إلى القصر في وقت كان الكونت يقيم فيه وليمة كبيرة، فدخلت إلى البهو، وتقدمت نحوه، فجاءت عند قدميه وشرحت له كيف نفذت شرطيه وانثنت قائلة: والآن فلترتضيني لك زوجا إن كنت لوعدك منجزا ...
अज्ञात पृष्ठ