وهي تضحك بقحة: لقد كنت وغدا، وكان حمدون بطلا، ثم ماذا كانت النتيجة؟!
فقال بحدة لم يستطع تهذيبها: وكنت الشيطان وراءنا! - لو تزوجني الشيطان لكان التوفيق نصيبنا؛ فهو خير من أمثالكم من الرجال.
فما تمالك أن ضحك وزايله التوتر. تساءلت: لم لم تنشأ على مثال أمك الكريمة؟ - أمي مثال لا يتكرر.
فضحكت ضحكة غجرية دون مناسبة، وقالت: ليست أمك وحدها بالمثال النادر، اسمعني جيدا واحكم بنفسك.
هزت رأسها المصبوع برشاقة، ثم راحت تقول في أناة وتجويد وبصوت منخفض: أيها الأصدقاء، أيها الرومانيون، أيها المواطنون، أعيروني أسماعكم، «إني جئت لكي أدفن قيصر لا لكي أشيد بذكره».
فابتسم كالحالم وتمتم: جميل!
فانتفخت بتشجيعه وواصلت بصوت ارتفع درجة عن سابقه: «إن ما يفعل الناس من شر يعيش بعدهم، أما الخير فغالبا ما يطمر مع عظامهم.»
التفت الجالسون حول المائدة القريبة نحو الصوت وعلت الابتسامة وجوههم، شعر عزت بشيء من الحرج، غير أنه همس وكأنما ليغريها بالرجوع إلى الهمس: كل شيء سيطمر مع العظام.
لم تنتبه لقوله، سكرت بنشوة الفن والذكرى، اجتاحتها موجة تمرد واستهتار، جلجل صوتها في جناح الملهى وهي تنشد: «جئت أتكلم في مأتم قيصر، كان صديقي، وكان وفيا لي، منصفا معي، لكن بروتس يقول إنه كان طماعا وبروتس رجل شريف.»
أحدقت بمائدته الأعين، واشرأبت الأعناق من الجناح الآخر، انتقل المسرح الحقيقي إلى ركنه، التهب جبينه ارتباكا وحياء، قال برجاء: فلنذهب إلى حجرة الإدارة!
अज्ञात पृष्ठ