ثم تنبهت من غفلة فتساءلت: أين الولد؟
فاستاءت أم سيدة من قطع الحديث وقالت: في الداخل طبعا. - وأين سيدة بنتك؟ - لا شك تلعب معه، لم يخرج، ها هو ذا فانوسه ينتظر.
قامت عين. هبطت درجتي الفراندة، غاصت في ظلمة الحديقة حتى اختفت تماما، ظهرت بعد قليل وهي تجر وراءها عزت بيد وسيدة بيد، وصوتها يتساءل في غضب: ألا تخافان النار؟
جرت سيدة نحو أمها، وقف عزت منكس الرأس. قالت عين مخاطبة أم سيدة: هي اللعنة، أرأيت؟
دارت أم سيدة ابتسامة، ولكنها هتفت وهي تزغد ابنتها: أعوذ بالله. - الولد بريء، ولكن بنتك ...
فتمتمت أم سيدة: الله أعلم. - فتحي عينك يا أم سيدة. - عيني مفتوحة دائما. •••
ولم تنس عند الوداع أن تقول لعين: لنا عودة إلى موضوعنا.
ولكن عين قالت بحزم: سدي هذا الباب بالضبة والمفتاح.
3
هامت في الصفاء المعهود خواطر قلقة، ليست بالخطيرة ولكنها تكدر بعض الشيء من ألف الصفاء. ما وجه الانزعاج الحقيقي وراء عبث الطفل؟ قد آن له أن يذهب إلى الكتاب. ورجال ثمة يطمحون إلى مالها. وتنظر إلى المرآة المثبتة في الإطار العاجي الموشى بالآيات، وتهز رأسها، وتتذكر وعدها لعزت يوم وفاة أبيه بألا تتيح مكان الأب لغريب. مضت خمسة أعوام فلم يهن العزم. الفصول وحدها تتغير وتمر الأعوام. وما يشغل بالها حقا هي شقيقتها أمونة. إنها تكبرها بعشرة أعوام؛ فهي شقيقة أمونة وأمها. وتتذكر أمهما، تتذكر بالأخص وفاتها، حزنها عند الفراق رائع، كذلك حزنها على أبيها، كما أشعل فراق الزوج قلبها. حزنها عميق كأفراحها، ولكن الحزن يعمر أكثر، ما إن تزور القبر حتى تخشع وتسترسل في المناجاة. إنهم مثلنا أحياء، ولكن لا يعلم الغيب إلا الله. ما يؤلمها حقا هو حدسها أن أمونة تضمر لها الحسد، وهي من ناحيتها لا تضن عليها بخير، ولكن ذلك لا يستأصل الحسد.
अज्ञात पृष्ठ