قالت وهي تتنهد: جرب وربنا معك.
إنه في حاجة إلى العمل والاستقلال، ولكن من أين يجيء بالخبرة؟ أين اللعين حمدون؟ لم يحسن في حياته سوى قراءة قصص الجريمة وتدخين الكيف في الغرزة. ها هو ذا حلم جديد يبزغ في حياته القاحلة.
10
لم يعقب اقتراح سيدة فعل. حلم بالمشروع وبرم أكثر بالحياة. لم يجد في الحياة جديدا سوى أنه اعتاد عادة جديدة هي الإكثار من الطعام بتأثير من الكيف ومعالجة للضجر. ولأول مرة يفقد رشاقته ويميل قليلا إلى البدانة. في ذلك الوقت نسي حبه القديم أو كاد، وانطبع بطابع بلادة غاشية، حتى العبادات مارسها بلا شعور وبلا حماس. ولم يجد أمامه إلا سيدة فحملها مسئولية تدهوره. وتمردت الفتاة فجأة على وضعها فهرعت إلى عين وهي متدثرة بعباءة وراء النافذة تشاهد من وراء الزجاج مطرا ينهل فوق الحديقة فيغسل الأوراق ويملأ القنوات، بثتها شكاتها وقالت وهي تجهش في البكاء: يجب أن أرجع إلى أمي.
فلم تسترد عينيها من الماء والشجر ممتصة ثورتها بهدوء شامل، ثم تساءلت: ألك أم غيري؟
فهمست بأسى: أنت أم الجميع، ولكنني معذبة.
وتساءلت عين وهي تلتفت نحوها بحنان: أما زلت على جهلك بالرجال؟
ثم وهي تقرصها بعطف في خدها: إنهم يحتاجون إلى تربية متواصلة تمتد من المهد إلى اللحد، وهذه هي مهمتنا.
وهمت الأخرى بالكلام فأسكتتها بإشارة وواصلت: المرأة التي تهجر بيتها جاهلة لا تستحق نعمة الأمومة، ماذا غيرك بعد أن آمنت بأنك أعقل الستات طرا؟ - حتى متى أتحمل الإهانة؟! - إنه يهينني بأفعاله أكثر مما يهينك بأقواله، فهل أهجره بدوري؟ - ولكن ...
فقاطعتها: حذار أن تعرضي الأمير الصغير للمتاعب. •••
अज्ञात पृष्ठ