وسارعت إلى بيتي أرد عن نفسي عيون الحاسدين، ولم أنس قبل أن أقصد إلى المنزل أن أشتري تذكرة في الحفلة.
وقبعت في المنزل أترصد الساعة حتى أصبح الموعد مناسبا، ونزلت من بيتي وذهبت إلى مقر الاحتفال.
فوزي المعلاوي لا يدخل مع الفرقة الموسيقية، ولكنه يترك الفرقة تعزف جزءا كبيرا من المقطوعة ثم يدخل حتى يضمن التصفيق له أن يكون واضحا في الإذاعة، ولا يضيع صداه في زحمة فتح الستار والتصفيق المتخاذل للفرقة.
وانتظرت حتى أعلن مذيع الحفل عن فقرة فوزي المعلاوي، وفتحت الستارة، وصفق الحشد الهائل تصفيقا هينا للفرقة وبدأت الموسيقى العزف، ولكنها لم تكد حتى رآني الناس أتسلق المسرح من الصالة، ورحت من فوري أغني أغنية المعلاوي. وما له، لا بأس؛ فما دمت لا أستطيع أن أغني أغنيات من شعري ومن تلحيني فلأتواضع وأغن كلمات لشاعر آخر وبلحن لم أؤلفه. لا بأس أن تكون هذه هي البداية.
بهت الجمع الحاشد، وارتسمت الدهشة في كل الوجوه، واضطرب أعضاء الفرقة الموسيقية، وأصبحوا لا يدرون ماذا يفعلون؛ فقد كانوا يتوقعون أي شيء إلا هذا الذي صنعته. توقف بعضهم عن العزف واستمر بعض آخرون، ولكن ضابط الإيقاع الذي ينقر الطبلة كان أسرعهم إلى العمل؛ فقد كان رجلا ضخم الجثة قوي البنيان، ولا شك أنه خبير موسيقي. وقد أدرك في اللحظات القليلة التي استمع إلي فيها أنني سأمحو فوزي المعلاوي من الوجود، بل وسأمحو معه كل المغنين السابقين منهم واللاحقين.
هي فقرة واحدة غنيتها، ثم وجدت نفسي طائرا في الهواء، ثم لم أعلم من أمري بعد ذلك شيئا.
وحين أفقت وجدت نفسي ملقى بجانب سور الصالة، مثل لقمة وجدها مؤمن في الطريق فأزاحها إلى جانب حائط ليمنع الناس أن يدوسوا النعمة.
अज्ञात पृष्ठ