कराइस बयान
عرائس البيان في حقائق القرآن
शैलियों
أحترق بنيران محبتهم ، وذلك النصيب لما سلبه سارق القهر من حومة مراقبتهم تداركوه بالندم ورموه بسهام الذكر من قوس الفكر ، فخرجوه حومة التلاوة ، ونشاب الاستعاذة ، ثم رأوه بعد ذلك أسيرا في سجن جوعهم ومجاهدتهم.
صحة ذلك قوله تعالى : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) [الأعراف : 21] أبصروه خائبا خاسرا محترقا ، وهم بعد ذلك ينزلون أعالي منازل القرب ، وزادوهم دنو الدنو ، قال صلى الله عليه وسلم : «أيس الشيطان أن يعبده المصلون ، وقال في موضع : «ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم هذا أبدا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به» (1). في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم» (2)
ألا ترى كيف دار حول آدم صفي الله صلوات الله عليه فاحترق بنيران لعنة الأبدية ، وكانت وسوسته لآدم سبب زيادة زلفته ، وقربته ، واجتبائيته ، واصطفائيته ، قال تعالى : ( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) [طه : 122] ، وهذا إعلام من الله سبحانه للخلق ، هكذا يكون شأن من يؤذي وليه وحبيبه من أحبائه وأصفيائه.
قال الواسطي : فقال له : إن كان إليك شيء من القدرة والقوة فاغو أحدا سوى ما جعل له من النصيب المفروض ، عند ذلك يظهر عجزه وضعفه.
وقال بعضهم في هذه الآية : لتر في أعينهم طاعتهم ، وأغلق دونهم أبواب الإنابة ورؤية الفضل.
وقد وقع لي شيء أخف : أن ذلك النصيب التفات العاشق في طلب جمال الحق إلى عالم المستحسنات ؛ لأن فيها ما يليق بالنفس الأمارة حين تلطف في جوار الروح الناطقة العاشقة ، فأخذت الروح من الوجوه الحسان لطف معدن الحسن ، وبقى للنفس الأمارة حظ من حظوظ الشهوات.
قال أبو سعيد الخراز : رأيت إبليس في منامي ، فقلت له : هل لك يد على الصوفية؟ فقال : لا. ومضى ، ثم التفت ، وقال : لي عندهم لطيفة ، وهي نظرهم إلى وجوه الأحداث.
وأيضا : نصيب الملعون منهم فرحهم بحالهم ، ووقوفهم بلذات مواعيدهم ، وإلقاء مخاييله في مكاشفتهم ، وذلك النصيب يقع على أكثر من مقاماتهم منها أي : يعدهم إلى بلوغ مقام الكرامات بغير استعمال آداب الطريق ، ومتابعة المشايخ ، وموافقة الأسوة والسنة ، وهذا
पृष्ठ 277