قلنا: أما ما يظهرونه من التدين والتعبد، والتورع والتزهد، فقد جرى على أكثر الكافرين، وجميع المبتدعين، فإنما من فرقة إلا وفي أهلها من يترهب ويتعبد، ويتورع في دينها ويتزهد، فإن النصارى على بعدهم من الإسلام بحيث لا يشك في كفرهم إلا من شركهم في شركهم يتعبون أنفسهم في التزهد والترهب، وكثرة الميل عن الملاذ والتجنب، وهم مع ذلك هالكون، وعلى جميع عبادتهم معاقبون، وهكذا جميع أهل البدع والضلال كالجبرية والمشبهة والخوارج، وغيرهم من الجهال، فإنهم يتعبون أنفسهم في أنواع العبادات، والقربات، والصدقات، والصلاة والزكاة، وفي التضرع والقيام، وفي التخشع والصيام، ولكنه لما لم يكن عن معرفة وبصيرة، لم يكن متقبلا عند عالم السريرة، قال الله تعالى: {وجوه يومئذ خاشعة، عاملة ناصبة، تصلى نارا حامية، تسقى من عين آنية}[الغاشية:2-5] . وقال تعالى: {هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا(103)الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}[الكهف:103،104].
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله تعالى لن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته)).
وعن ابن مسعود: إن الله تعالى لا يقبل من صاحب بدعة صوما ولا صلاة، ولا حجا ولا عمرة، إنه رد على الله سنته فرد الله عليه بدعته.
पृष्ठ 42