لكن في الفترة بين صعود موظفي الجمرك على متن القطار ومغادرتهم، اجتاحتها دوامة من المشاعر؛ إذ خرجت من جوف الليل إلى نور الشمس، مرورا بشفق الترقب المتدرج، ثم جاء الأمل والقلق المؤجلين، قبل أن يبتلعها الظلام مرة أخرى.
وعاد القطار ينطلق مسرعا.
الفصل الخامس والعشرون
اختفاء غريب
بعد أن غادر البروفيسور، استرخت آيريس في مقعدها وأصغت لهدير التيار المتذبذب لإيقاع القطار المضطرب. كان البخار قد بدأ يتكون على زجاج النافذة المعتم، فجعل من العسير رؤية أي شيء خارجها، عدا خط من الأضواء يرى كل حين وآخر عندما يمر القطار بسرعة من أمام محطة صغيرة.
منذ أن أثبتت قوانين المنطق أن لا وجود للآنسة فروي، كانت تشعر بإنهاك لدرجة جعلتها غير مهتمة بمحيطها. لم تجد في نفسها طاقة تكفي حتى لأن تظل حانقة على البروفيسور لتدخله في شئونها.
قالت في نفسها متأملة: «جميع المسافرين أنانيون. لقد كانت الأختان فلود- بورتر هما السبب. خشيتا أن تعلقا معي؛ لذا أثرتا على البروفيسور، وأتوقع أنه استشار الطبيب بشأن ما يمكن فعله.»
اعتدلت في جلستها في محاولة لإراحة ألم ظهرها. أرهقها الاهتزاز المتواصل للقطار، وشعرت بأن رقبتها متيبسة وكأنها مصنوعة من الجص الباريسي وستنفلق إلى نصفين إن حركتها حركة مفاجئة. في تلك اللحظة تاقت إلى فراش مريح تأوي إليه لترتاح بعيدا عن القعقعة والطنين المتواصلين.
كان ذلك ما اقترحه الطبيب؛ نوم ليلي مريح، لكن مع أنها بدأت تشكك في حكمته من السباحة عكس التيار، ظلت ثابتة على إصرارها على عدم الامتثال لنصيحته.
في تلك اللحظة، دخل عليها هير وجلس قبالتها في مقعد الآنسة كومر.
अज्ञात पृष्ठ