وذلك أن قومه بنو زبيد ارتدوا حين بلغتهم وقاة رسول الله عليه السلام، وكان ابن العجيل مسلما مهاجرا، فقام في قومه خطيبا فقال في آخر كلامه: إن الله تعالى جعل/ الحكم على ما ظهر والجزاء على ما بطن. ولو أراد تبارك وتعالى أن يأخذ الناس بأمر عيانا ويقطع أسباب الرجاء والخوف لحول الصنعة عما هي عليه حتى يزيد في الإنذار. وأبطلت القدرية دوام التكليف؛ لأن في دوامه -قالوا- بطلان الجزاء، ولا أدري قولهم إذا كان الجزاء في خلال ذلك؛ ونسوا فولهم أن شكر المنعم واجب عقلا، والمكلف لا ينفك من النعمة، ولم يدروا أن قضاء الواجبات دين، ولا ثواب على قضاء الديون. وفي سلب النعم أعظم النقم.
باب
هل كان رسول الله عليه السلام متعبدا عارفا بالله عز وجل ويدينه قبل مبعثه، أو هل هو متعبد الشريعة أحد ممن كان قبله من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين؟ اعلم أن بعض الفقهاء تكلموا في هذا على قدر حدسهم وظنهم. قالت الأشعرية: قد عرف الله عز ووجل وعرف دينه الذي يخصه/ قبل مبعثه؛ وذلك أنه أمر وقع إليه في قلبه من قبل الله عز وجل فصانه به حتى جاءه الحق في غار حراء. والدليل عليه قول عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله عليه السلام يتحنث في غار حراء أيام رجب حتى أتاه الحق وهو بغار حراء. وكان قبل مبعثه، صلى الله عليه وسلم، يرى الرؤيا فتجيئ مثل فلق الصبح (¬1) . وحديثه ايضا مع زيد بن عمرو، قال: إنه لأول من بغض إلي عبادة الأوثان؛ وذلك أنه لقيه بطريق الطائف ومعه زيد بن حارثه، وكان زيد مهجورا عند أهل مكة فلقيه قرب المزدلفة قد عاه (¬2) رسول الله عليه السلام وقال: هلم
إلى السفرة . فقال: يا ابن أخي، إن كان مما تذبحونعلى أصنامكم فلا حاجة لي فيه (¬3) . ومع قريش طرف من دين أبيهم إبراهيم عليه السلام ومناسك الحج.
पृष्ठ 76