واختلفوا في القرآن هل فيه مجاز أو كله حقيقة لا مجاز فيه. قال بعضهم: كله حقيقة لا مجاز فيه لأنه حق، والمجاز باطل، وكيف يكون الحق مجازا؟. وهذا أخذ بظاهر من القول أين ذهب به. والصحيح أن فيه المجاز وليس باطل/ وإنما المجاز في اللفظ لا في المعنى، والمعنى المراد منه الحقيقي. قال الله تعالى: { فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه } (¬1) والإرادة من أوصاف الحيوان لا من أوصاف الجدران، والمعنى يريد مال كأنه رجل هم بالوقوع. وقوله: { والذين يؤذون الله ورسوله } (¬2) فالله تعالى لا يتأذى ولا يناله الأذى. وقوله: { واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها ... } (¬3) وقوله: { الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة .. } (¬4) وقد يتعارف النسا على أسماء كان في البداية مجازا رجعت بالعرف حقائق كالغائط والنجو والنكاح والإيمان والكفر والنفاق والصلاة والزكاة والحج وما أشبه ذلك. وقد غيرت الشريعة كثيرا من اللغة، وجعلتها حقائق في الشرع ومجازا في اللغة بعدما كانت بالعكس. ومنه قوله/ عليه السلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه -وقد سأله عن الجنابة تصيب الرجل من الليل- فقال له: «توضى واغسل ذكرك» (¬5) أراد غسل يديه ثم ذكره، ولم يرد وضوء الصلاة.
فصل
جميع ما في القرآن عربي. والدليل قول الله عز وجل: { بلسان عربي مبين } (¬6) . وقوله: { إنا جعلناه قرآنا عربيا } (¬7) واستدل من أجاز أن يكون فيه غير العربي من سائ لغات العجم قال: وذلك أن الله تعالى بعث محمدا عليه السلام إلى الناس كافة بقوله: { وما أرسلناك إلا كافة
पृष्ठ 51