أليس معنى هذا أن إيمان النفس الباطنة أمر لا يتعلق بالبرهان؟ وأن المرجع غاية المرجع إنما هو الإيمان ولا شيء غير الإيمان؟
بل حتى البرهان الأكبر على وجود الله نعود إليه لنسأله ونسمع منه فماذا يقول؟
يقول لنا إن العدم معدوم فالوجود إذن موجود، وإنك إذا آمنت بالوجود فلا مناص لك من الإيمان به في صفته المثلى، لأنك تحتاج إلى مقتض لفرض النقص ولا تحتاج إلى مقتض لفرض الكمال في وجود لا يتطرق إليه العدم.
وما الفارق بين الإيمان بالله والإيمان بالوجود في صفته المثلى؟
هنا ينتهي الإيغال في الفروض والشكوك.
وهناك انتهى الإيمان، بغير إيغال في فروض ولا شكوك.
ألا تتلاقى النهايتان؟ ... أولا تضل الفروض والشكوك حيث تضل ثم لا يخطو لها قدمان وراء خطو الإيمان؟
لهذه السنة التي استنها النبي عليه السلام في عبادته الروحية كثرت وصاياه بإدمان التفكير في خلق الله واجتناب التفكير في ذات الله فقال في حديث: «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله.» وقال في هذا المعنى: «تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله فتهلكوا.» وقال في حديث قدسي: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق لأعرف.» أو كما جاء في رواية: «فخلقت الخلق فبي عرفوني.»
طريق الوصول
وخلاصة هذه الأحاديث وما في معناها أن التفكير في حقائق الوجود هو طريق الوصول إلى الله ولا طريق غيره للحواس ولا للعقل ولا للبديهة: إيمان بالوجود الأبدي في صفته المثلى، وتفكير في حقائق الوجود كما نراه ونحسها ونعقلها، وذلك قصارى ما عند العقيدة، وقصارى ما عند الفلسفة، وقصارى ما عند العلم إذ يقف العلم عند حده، وهذا هو العلم الذي فرضه الإسلام على كل مسلم ومسلمة، وقال النبي في رواية ابن عباس: «أنه أفضل من الصلاة والصيام والحج والجهاد في سبيل الله» لأنه سبيل الوصول إلى الله.
अज्ञात पृष्ठ