सुधार और शिक्षा की प्रतिभा: इमाम मुहम्मद अब्दुह
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
शैलियों
مع عباس الثاني
في سيرة محمد عبده شخصان مهمان كان لكل منهما أثر كبير يفرد بالكتابة عنه في تاريخ حياته العملية، هما: جمال الدين الأفغاني وقد تقدم الكلام على أثر التعاون بينهما في دعوة الإصلاح وحركة النهضة، وعباس حلمي الثاني خديو مصر بعد الاحتلال البريطاني، وسنقصر الكلام عليه في هذا الفصل ملتزمين فيه ما يستطاع من الإيجاز.
كان جمال الدين مثلا للقوة المؤيدة الموجبة، وكان عباس الثاني مثلا للقوة المعطلة السالبة؛ أولاهما قوة روحية مستمدة من عظمة الأستاذ وعظمة تلميذه في وقت واحد، وثانيتهما قوة مادية مستمدة من سلطان المنصب وظروف السياسة، يكاد الذكاء في صاحبها أن يكون لغوا لا يذكر فيما يعنينا من هذه السيرة؛ لأنه لا يقدم ولا يؤخر في مركز الحكم الذي يستعين به الحاكم على المقاومة والتعطيل، فكل حاكم في مركز عباس الثاني كان مستطيعا أن يصنع ما صنعه في خصومته للأستاذ الإمام. •••
جلس عباس حلمي على الأريكة الخديوية بعد أبيه «محمد توفيق» خديو الثورة العرابية، وبعد جده إسماعيل الذي عزلته دول الرقابة الثنائية - إنجلترا وفرنسا - بموافقة السلطان العثماني صاحب السيادة الشرعية على البلاد.
وكان دون الثامنة عشرة حين توفي أبوه، فوجب أن تفرض عليه الوصاية إلى أن يبلغ سن الولاية، وكان السلطان العثماني هو «صاحب الاختصاص» باختيار الوصي أو الأوصياء، ولكن المحتلين تدخلوا في الأمر، واحتالوا على اتقاء هذا الإشراف الفعلي على الدولة المصرية، فحسبوا السنين بالحساب الهجري رعاية لدين الأمير ودين الخليفة، وانحلت الأزمة على هذا النحو حلا يرضاه الأمير ويبغضه؛ لأنه يعفيه من الوصاية ويثبت له غلبة النفوذ البريطاني على شئون السياسة العليا في بلاده.
جلس على عرشه وهو مقسم النفس بين هذين الشعورين، ولكنهما في الواقع ينتهيان إلى شعور واحد بسطوة الاحتلال وافتياته على حقوقه وحقوق الدولة التي يتلقى أمر التعيين «فرماناتها الشاهانية».
وملكته حماسة السن بين الحذر والاندفاع، فغلبت في نفسه الفتية نزعة التحدي على نزعة الحذر، وواجه المحتلين بالمعارضة التي لم يألفوها من أبيه بعد اعترافه لهم بحماية عرشه، فأقبل عليه أنصار الحركة الوطنية من المتطرفين والمعتدلين، وحف به أبناء الجيل الجديد من أنداده في السن ومن الشبان الذين يكبرونه سنا، ولكنهم لم يشهدوا صدمة الاحتلال ولم يحتملوا خيبة الثورة العرابية.
وكان للأمير الشاب رأي صائب في الثورة العرابية، وفي مسلك أبيه معها ومع المحتلين.
كان بطبيعة الحال ينفر من الثوار ويسميهم بالعصاة كما يسميهم جميع أبناء بيته، ولكنه كان يتقبل العذر من بعضهم؛ لأنه كان لا يبرئ أباه من بعض الخطأ ومن بعض الضعف في علاج الثورة وعلاج الأزمات الأجنبية، وكثيرا ما سمع في بداءة حكمه وهو يسخر من أبيه تلك السخرية التي عابها عليه لورد كرومر في كتابه عنه، ويقول لمحدثيه: سامح الله الوالد الطيب، لو كنت في مكانه لما فعلت هذا ... أو لو كنت في مكانه لما سمحت لنفسي بذاك!
ورأيه هذا في أبيه هو الذي أنساه ممالأة الشيخ محمد عبده للثورة في دورها الأخير، ورغبته في الاطلاع على تاريخ لتلك الثورة يكتبه رجل يعرف أخطاء الثوار ويعرف أخطاء ولي الأمر، عسى أن يستفيد لنفسه من تجربة الحوادث التي عرضت أباه للثورة، وعرضته وعرضت الثوار معه لكارثة الاحتلال.
अज्ञात पृष्ठ