बुरहान फ़ी वुजूह बयान
البرهان في وجوه البيان
शैलियों
أنه قد قبل نعمته، وشاركه في أمره فوجب عليه المكافأة على النعمة، وأن يعلم أن وزره في معاونته، والدخول معه فيما غضب عليه، أعظم من الوزر في تأدية الأمانة إليه؛ ومنها أن الله عز وجل قد أمر بتأدية الأمانات إلى أهلها أمرا عاما، لا يجوز تخصيصه إلا ببيان منه. وقد روي عن الصادقين - عليهم السلام - ما يدل على أن الأمر بذلك عام، وهو قولهم: أدوا الأمانة ولو إلى قتلة أولاد الأنبياء؛ ومنها أنه لا بد للناس مع فقد أئمة العدل من السلطان، لأنهم لو فقدوا السلطان مع عدم الأئمة لأكل بعضهم بعضا، لكن مثل السلطان وإن جار، كمثل المطر الدائم الري، وإن كان يضر بالأبنية، ويقطع المسافر وذا الحاجة، فما ينفع الله به من إخراج الثمرات، والزيادة في الأقوات أكثر. وقد روي عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال في حديث طويل، ولابد من إمارة برة أو فاجرة"، قيل له: هذه البرة قد عرفناها، فما الفاجرة؟ قال: "يقال بها العدو، ويجبى بها الفيء، ويؤخذ بها على يد الظالم" في قول كثير قبل ذلك وبعده. ثم إن الوزير محتاج إلى معاملة طبقات من الناس، فمنهم سلطانه، ومنهم حكامه، ومنهم جنده، ومنهم عماله، ومنهم خاصته، # ومنهم رعيته، وأوصاف بعض هؤلاء تخالف أوصاف بعض، ولكل طبقة معاملة غير معاملة الطبقة الأخرى.
معاملة الوزير لسلطانه:
أولى ما ينبغي أن يعامل به السلطان توقيره وتعظيمه، والشكر له على ما رفعه إليه بالنصيحة له، والتقرب إلى قلبه بكل ما يجد السبيل إليه، مما لا يثلم دينا، ولا يسقط مروءة، والصبر على ملازمته، والاجتهاد في خدمته، ثم عليه إذا رآه قد أراد أمرا وأمر به وكان صوابا أن يشجعه عليه، ويزينه له، ويبصره بما فيه من الذكر الجميل، والقول الجزيل حتى يزيد علما بصواب رأيه، وسرورا بما وفق له، وإذا رآه قد أراد أمرا أو أمر به، وكان خطأ عنده بصره ما في عواقبه من الشين، وما في تركه من الزين، ويبين له الخطأ فيه بأبهى خطاب وأرفقه، فكما أنه ليس له أن يكتمه النصيحة، وإن خالف هواه، فكذلك ليس له أن يخرج كلامه في ذلك مخرج التأديب له، والتقويم، فإن الوزير العاقل لو شاء أن يبصر بسلطانه جميع عيوبه بالأمثال التي يضربها، والعيوب التي يذكرها من غيره حتى يعرف عيبه بعيب غيره، لفعل، وقد قيل:
من كتب السلطان نصحه والأطباء مرضه، والإخوان سره، خان نفسه وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله أحق بالتقدمة: "إنما الدين النصيحة لله ولرسوله ولذوي الأمر وكافة المسلمين".
معاملة حكامه:
पृष्ठ 330