مثالا إذا ماثله نوعا من المماثلة وطابقه نوعا من المطابقة وإحصاء تلك الأمثلة يستدعي استقصاء جميع موجودات العالمين بأسرها ولن تفي به القوة البشرية ... فغايتي أن أعرفك فيها أنموذجا لتستدل باليسير منها على الكثير وينفتح لك باب الاستبصار بهذا النمط من الأسرار فأقول:
إن كان في عالم الملكوت جواهر نورانية شريفة عالية يعبر عنها بالملائكة منها تفيض الأنوار على الأرواح البشرية ولأجلها قد تسمى أربابا ويكون الله تعالى رب الأرباب لذلك ويكون لها مراتب في نورانيتها متقاربة فالبحري أن يكون مثالها في عالم الشهادة الشمس والقمر والكواكب والسالك للطريق أولا ينتهي إلى ما درجته درجة الكواكب فيتضح له إشراق نورها وينكشف له أن العالم الأسفل بأسره تحت سلطانه وتحت إشراق نوره ويلوح له من كماله وعلو درجته ما يبادر فيقول: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ ثم إن اتضح ما فوقه مما رتبته رتبة القمر رأى أفول الأول في مغيب الهوى بالإضافة إلى ما فوقه فقال: ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ وكذلك يترقى حتى ينتهي إلى ما مثاله الشمس فيراه أكبر وأعلى فيراه قابلا للمثال بنوع مناسبة له معه والمناسبة مع ذي النقص نقص وأفول أيضا فمنه يقول: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا﴾ ومعنى (الذي) إشارة مبهمة لا
1 / 205