والعالم المرتفع عن إدراك الحس والخيال وهو الذي نعنيه بعالم القدس وإذا اعتبرنا جملته بحيث لا يخرج منها شيء ولا يدخل فيها ما هو غريب منه سميناه حظيرة القدس وربما سميناه الروح البشري الذي هو مجرى لوائح القدس الوادي المقدس ثم هذه الحظيرة فيها حظائر بعضها أشد إمعانا في معاني القدس ولكن لفظ الحظيرة يحيط بجميع طبقاتها فلا تظنن أن هذه الألفاظ معقولة عند غير أرباب البصائر.
واشتغالي الآن بشرح كل لفظ مع ذكره يصدني عن المقصد فعليك بالتشمير لفهم الألفاظ فأرجع إلى الغرض فأقول:
لما كان عالم الشهادة مرقاة إلى عالم الملكوت فكان سلوك الصراط المستقيم عبارة عن هذا الترقي وقد يعبر عنه بالدين وبمنازل الهدى ولو لم يكن بينهما مناسبة واتصال لما تصور الترقي من أحدهما إلى الآخر فجعلت الرحمة الإلهية عالم الشهادة على موازنة عالم الملكوت فما من شيء من هذا العالم إلا وهو مثال لشيء في ذلك العالم وربما كان الشيء الواحد مثالا لأشياء من عالم الملكوت وربما كان للشيء الواحد من الملكوت أمثلة كثيرة من عالم الشهادة وإنما يكون
1 / 204