ولا يخف ذلك العجب الجاف قليلا إلا حين ملاقاة خطيبته أو حين تفكيره فيها، وهي إذا كانت مريضة لم يبال بجميع نصارى رينفيلد المتوكلين على الله ولم يطق قولا عن الطب، وهو يصر عن استعمال الأدوية متذرعا عن مزح بأن الرب هو الذي أعطاها، وهي وقت شفائها تقابل بين حياتها الهادئة وحياته الممتعة التي تتبينها من رسائله ومما تقرأه عنها في الصحف.
وهي تكتب إليه قائلة: «عندما أتعقب بأفكاري مجرى حياتك الراهنة منتقلة من مسرة إلى مسرة لديك، وفي أثناء ما لا حد له من الضوضاء والاضطراب، يساورني القلق فأضع إصبعي على فمي، وأضع يدي على فؤادي، وأدعو لك هادئة، أخشى أن يجعلوك كثير الزهو، فتزدري رينفيلدنا الوضيعة في نهاية الأمر.» وهي تستر تحت مثل هذه العبارات هولا حقيقيا في بعض الأحيان، وهي تختم كتابها بالكلمة الفاجعة الساخرة: «حقا إنك يا أوتو، ذو دم حام إلى الغاية!»
ويبدو أنيسا كلما دنا وقت العرس، ويكتب بكياسة تخالطها سيطرة قوله: «أتنتظرين مني - في مساء هادئ، لابسا مخملا أسود وريشة نعامة متموجة - أن أعزف على القيثارة
5
تحت نافذتك فأصدح بأغنية «فري معي ...» التي يمكنني الآن أن أغرد بها فاتنا على ما أرى مع كلمة «نامي على ...» أو يجب علي أن أظهر وقت الظهيرة
6
مرتديا بزة فارس ولابسا قفازا أحمر فأعانقك من غير أن أغني وألغو؟»
7
ويشير عليها بأن تدعو بعض الأصدقاء ليرافقوهما في رحلة الزفاف فترفض ذلك بإباء.
ويكون العرس بعد الخطبة بستة أشهر، وتقدم صديقة إليها منديل الزفاف الموشى بوردة بيضاء وفق لغة الأزهار التي تعرفها تلك البيئة، وفيما كان العريس جالسا حول المائدة شاربا غير قليل من رحيق الشنبانية أمسك منديل حنة، وتقع عينه اليانعة الواقعية وغير الروائية على الوردة الرمزية فيحرقها بسيغاره قبل أن تتمكن العروس من صده عن ذلك، وبهذا يريد أن يقول: «هنا ينتهي أمر جان بول مع تصوف الصبية.»
अज्ञात पृष्ठ