ولا مثيل لما فعله بسمارك في تلك الساعة، وإن هذا العاصي الذي هزأ بالنبلاء والأمراء عن خبث منذ خمسين سنة يعود اليوم إلى سابق سيرته ليعاقب العاهل، وقد بلغ من الحذق في تمثيل دوره ما عبر معه عن رأيه في ولهلم على لسان شخص ثالث، وما كتم معه حكمه الذي هو حكم القيصر في ولهلم حتى اختطفه منه هذا الإمبراطور، وما كان ليستطيع عدم تسليم الورقة عندما خطفها الإمبراطور منه! ولم كان ولهلم من الغباوة ما اختطفها معه حين تحذيره؟ «يمكن الرجل أن يكون أشقر الشعر أزرق العينين فيخطئ كالقرطجي!»
الفصل الخامس
ترى في اليوم التالي رجلين شائبين في غرفة ذات نور غبش يرتبان أوراقا، وترى أحدهما يخرج غلفا من الخزائن والمحافظ، وترى الآخر يقرأ العناوين ويجمعها أكداسا أكداسا، والرجلان هما بسمارك وبوش، ويقول بسمارك لصاحبه: «سأكتب مذكراتي، وستساعدني على ذلك، فسأستقيل، وأستعد لوضع متاعي في عيابي،
1
ولا بد من إرسال أوراقي في الحال، وذلك حذر حجزها إذا ما بقيت هنا وقتا آخر ... والحكاية هي أمر ثلاثة أيام، أو ثلاثة أسابيع على ما يحتمل، ثم أنصرف لا محالة؛ فالوضع أصبح لا يطاق، ولكنني لا أعرف كيف أخرج هذه الأوراق بأمان، وقد ترسل إلى بيتكم، ولكن كيف؟»
بوش :
يمكنني أن آخذها رزما صغيرة يا صاحب السمو ثم أسلمها إلى هيهن.
بسمارك :
ومن هو هيهن؟
بوش :
अज्ञात पृष्ठ