صخر تحت سطح البحر، ولا ميناء أمين! السلطان قبضته، ولا يفرط في ذرة منه! أنت تظل ظل عاهل إذا ما ساس وسيطر!
والآن لم يقنع الشيخ بدحض مطاليب مولاه الشديد الشكيمة، بل يود أن يذل الإمبراطور، بل يريد أن ينتقم من هذا الذي أساء إليه في الأيام الأخيرة، بل يبغي أن يرمي قلب عدوه العاهل بسهم!
بسمارك في سنة 1894.
ترى على المائدة هنالك محفظة، وليس عليه إلا أن يفتحها، وهي تمثل علبة بندورا،
2
وبسمارك بلا مناسبة يحول الحديث إلى مسألة زيارة الإمبراطور المقترحة لقيصر روسية، ويخرج ورقة من تلك المحفظة وينظر إليها وهو يقول: «لدي أسباب وجيهة ضد مثل هذه الرحلة؛ فقد وصل تقرير من لندن في هذه الأيام قال السفير فيه إن القيصر أبدى ملاحظات غير سارة حول جلالتكم في أثناء حديث خاص.» ويمسك بسمارك الورقة بهدوء كما لو كان ممثلا، ويعض الإمبراطور على شفتيه، وهل يذعر؟
الإمبراطور: «تفضل بتلاوتها علي!»
هنالك يبدو ميفيستوفل جزوعا فيقول: «محال! لم تبد تلك الملاحظات لتكرر!» وهنالك يهز بسمارك الورقة بيده هز إغراء، وهنالك يرتعش الإمبراطور ولا يود أن يظهر ضعفا، فيقول: «أعطني إياها!» وهنالك يختطفها الإمبراطور ويقرؤها فيحمر ويصفر وينصرف صامتا، فقد أبصر - فيما أبصر - أن القيصر يقول عنه «إنه مجنون، إنه غلام غير مهذب!» وقد شعر بأن بسمارك ساطه
3
بأشد مما فعل القيصر، وبسمارك عامله في بدء الأمر كما يعامل الأستاذ تلميذه ثم شتمه، وهل يستطيع بعد تلك الإهانة أن يمد إليه يده؟ إنه مدها إليه متكلفا حينما ولى ظهره ذاهبا حاملا خوذته بيده اليمنى، ويسرع في النزول من الدرج وفي مغادرة ذلك المنزل وفي ركوب عربته، ويهرع راجعا إلى أخلائه، ويسير بسمارك الشائب وراءه متئدا وينحني عند عتبة باب داره.
अज्ञात पृष्ठ