बिला क़्यूद
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
शैलियों
على النحو نفسه، كانت مهمة جمع الخضروات تحتاج معرفة مفصلة بأماكن العثور على نباتات قابلة للأكل وجذورها ودرناتها وثمارها وبذورها؛ فقد كانت تتطلب القدرة على التعرف على العلامات التي تقود إلى كل هذا وسط أراضي الغابات الشاسعة وفي أجمة الأدغال المتشابكة. وكان على المرأة أن تعرف في أي وقت من السنة تتوفر كل من هذه الأطعمة وتصير قابلة للأكل، وكيف تنقلها إلى موقع المخيم، وكيف تعالجها - بالطحن والهرس والنقع والشي والسلق - حتى يمكن تناولها وهضمها في أمان. كذلك في حالة الجذور والدرنات القابلة للأكل - التي شكلت جزءا كبيرا من موارد أكل الصيادين وجامعي الثمار - كان لا بد من قوة بدنية شديدة لحمل عصا طويلة وثقيلة وانتزاع الغذاء النباتي الذي كان كثيرا ما ينمو عميقا تحت سطح الأرض.
وعلى النقيض من ذلك، كان أطفال المزارعين يستطيعون بسهولة إنجاز العديد من المهام الأساسية التي اشتملت عليها زراعة المحاصيل ورعاية الحيوانات؛ فالأمر لا يحتاج قدرا كبيرا من المهارة أو سنوات الخبرة أو قوة البالغين وجلدهم لرعي قطيع من الماعز، أو إطعام خنازير مستأنسة في مرابطها، أو انتزاع الحشائش من الحدائق القريبة، أو حتى حصد بعض المحاصيل التي يزرعها المزارعون. كما يستطيع الأطفال في الأسر الزراعية رعاية أشقائهم الصغار بسهولة؛ مما يسمح للأم بحرية أكبر للعمل في الحقول، بل وإنجاب الأطفال في تواتر أكثر من النساء في مجتمعات الصيد وجمع الثمار. هكذا، مع تطور جامعي الثمار تدريجيا إلى مزارعين، ازدادت قدرة الأطفال على المساهمة في إعالة المجتمع ككل، وأثناء ذلك ازدادت قيمتهم لأسرهم.
زاد من دعم الأهمية الاقتصادية للأطفال أن الأفراد في المجتمعات الزراعية أصبحوا يعيشون حتى يبلغوا الخمسينات والستينات من أعمارهم بمعدلات تفوق كثيرا نظراءهم في مجتمعات الصيد وجمع الثمار؛ فالأنشطة اليومية المتعلقة برعاية المحاصيل وتربية الحيوانات لا تعادل في درجة خطورتها بوجه عام الأنشطة التي تهدد الحياة فيما يتصل بصيد الحيوانات وقتلها، أو خوض رحلات طويلة في البرية المأهولة بالضواري لجمع النباتات القابلة للأكل ونقلها إلى مقر السكن. لهذه الأسباب، مع زيادة الانتشار الواسع لزراعة المحاصيل وتربية الحيوانات، بدأت المجتمعات الزراعية ترى أطفالها كأنها نوع من بوليصة التأمين - وسيلة للإعالة حين يبلغون سنا يصعب معها أن ينتجوا طعامهم - وصارت مهمة توفير الدعم المادي للكبار واجب الأبناء نحو آبائهم بصورة متزايدة.
لكل هذه الأسباب، مالت المجتمعات الزراعية إلى تنمية روابط قوية وفي أحوال كثيرة حصرية بين الآباء والأبناء؛ فقد كانت تسعى لأن تغرس في أطفالها الإحساس بالواجب تجاه آبائهم، وكانت باستثناء حالات قليلة تولي أهمية كبيرة للإخلاص بين الأزواج - خاصة من ناحية النساء - لضمان ألا يكون نسب الطفل لأبيه موضع شك قط. بهذه الطريقة، أدت أهمية الأبناء لآبائهم في المجتمعات الزراعية مع الوقت إلى ثقافة غلب عليها حس الاستحواذ الشديد تجاه الأطفال، وإلى فرض قيود صارمة على الحرية الجنسية لدى النساء. في الواقع، صارت هاتان السمتان الثقافيتان متأصلتين لدرجة عميقة في ثقافات أسلافنا الزراعيين، حتى إن كلتيهما استمرتا حتى وصلتا إلى العصر الحديث.
متى أصبح النشاط الجنسي للمرأة مصدر تهديد؟
في أغلب مجتمعات الصيد وجمع الثمار، كان الزواج عادة علاقة عابرة جدا، بل في الواقع كان الزواج لا ينطوي عادة على أكثر من قرار رجل وامرأة بالغين تناول الطعام والمبيت معا بانتظام. ورغم أن النضج الجسدي للفتيان والفتيات عند بلوغ الحلم كثيرا ما كان يحتفل به في مجتمعات الصيد وجمع الثمار بطقوس احتفائية كبيرة، فإنه كان من النادر أن يلقى زواجهم اهتماما بأي نوع من المراسم الكبرى. وكان من النادر بالدرجة نفسها أيضا أن يحتاج الثنائي الحديث «الزواج» - أو حتى يطلب - موافقة الوالدين، وإنما كان فقط من الضروري دائما ألا تصل القرابة بين الرجل والمرأة للدرجة التي توصف معها العلاقات الجنسية بينهما بسفاح المحارم.
وإذا حدث ولم ينسجم رجل وامرأة - بعد أن عاشا معا لفترة - وصارا متجافيين، أو اتخذا أحباء آخرين، أو ببساطة سئم كل منهما من الآخر، كان الطلاق يحدث بيسر وسريعا وبقليل من المراسم. في الواقع، لم يكن الطلاق عادة يعدو مجرد قرار أحد الشريكين الانتقال من المنزل الذي كان الاثنان يتقاسمانه. وتعود البساطة الملحوظة لكل من الزواج والطلاق في مجتمعات الصيد وجمع الثمار بدرجة كبيرة إلى حقيقة أن أهم العلاقات الاجتماعية لم تكن قائمة على الزواج، وإنما بالأحرى على الانتماء للعشيرة أو النسب الذي ولد فيه كل شخص. ولما كان هذا الانتماء حقا مكتسبا منذ الولادة، فلم يكن الزواج أو الطلاق ليغيره أو يؤثر فيه.
كانت التجارب الجنسية تبدأ في الطفولة، وعند بلوغ النضج الجنسي كانت تشيع العلاقات الجنسية بين المراهقين، ونادرا ما كانت هذه العلاقات تثمر عن حمل.
7
وفي العادة كانت تستمر من كلا الجنسين لسنوات عديدة قبل أن يظهر تدريجيا شريك مفضل. ورغم أنه كان ثمة اختلافات بين مجتمعات الصيد وجمع الثمار فيما يحيط بالزواج وتنشئة الأسرة، فإنه كان من المألوف في أغلب هذه المجتمعات أن يتمتع الأطفال والمراهقون، وخاصة الفتيات بدرجة مذهلة من الحرية الجنسية، على الأقل استنادا إلى معاييرنا.
अज्ञात पृष्ठ