बिला क़्यूद
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
शैलियों
رغم أنه من المحتمل أن يكون الهومو إريكتوس قد استخدموا النار لحماية نوعهم من الضواري، ولإطالة وقت بقائهم مستيقيظين، ولطهي طعامهم، لم تلعب النار دورا فعالا في الحماية من البرد إلا حين أصبح البشر الناشئون آمنين في مخيماتهم ليلا. أما نهارا، أثناء صيدهم الحيوانات وجمعهم الفاكهة والخضروات، فإن إشعال النار بالخارج في العراء كان سيصبح غير عملي، بل وقليل الفائدة كذلك في بعث الدفء. بناء على ذلك، كان أشباه البشر، حتى يتخذوا نمط الحياة البدوي من صيد وجمع ثمار في الطقس البارد، سيحتاجون الملبس: قبعات لرءوسهم، وأثواب لأبدانهم، وربما أحذية عادية أو طويلة لأقدامهم وقفازات لأياديهم. وأخيرا، لا بد أن الهومو إريكتوس كانوا قد تعلموا حياكة كل هذه الأشياء أو أغلبها من جلود الحيوانات.
لعلكم تتذكرون أنه منذ 400 ألف عام، كما أظهرت رماح شونينجين بوضوح، كانت جماعات الهومو إريكتوس التي تعيش في ألمانيا تصنع أغراضا خشبية دقيقة تحتاج قدرا كبيرا من المهارة والتخطيط، وعملية تصنيع معقدة متعددة المراحل. لا يوجد سبب إذن لافتراض أن صناع مثل تلك الأدوات لن يكونوا قادرين بالمثل على صنع قبعات وأثواب وقفازات وأحذية لأنفسهم. إذن من المرجح جدا أن بدء ظهور بقايا للهومو إريكتوس في شمال أوروبا وآسيا منذ نحو 500 ألف عام هو المرحلة التي بدأت فيها تقنية المساكن والملابس تأخذ مكانها في تاريخ البشر إلى جانب التقنيات الرئيسية الأخرى من رماح وعصي حفر ونار، وكان هذا قبل ظهور الإنسان الحديث على الساحة بوقت طويل.
اختصاصيو علم الإنسان الذين درسوا احتياجات بشر النياندرتال للطاقة، الذين ظهروا بعد البشر الناشئين وعاشوا في شمال أوروبا أثناء الجزء الأخير من العصور الجليدية، استنتجوا أنه رغم أن بشر النياندرتال ضخام الجثة مفتولو العضلات كانوا قد «تكيفوا مع البرد»؛ فإنهم لم يتميزوا كثيرا عن الإنسان الحديث تماما في قدرتهم على البقاء على قيد الحياة في الجو البارد . في الواقع، قدر أن بشر النياندرتال لم يكونوا ليقووا على تحمل الأجواء الشتوية في المناطق التي سكنوها في شمال أوروبا دون تغطية ما بين خمسين إلى تسعين في المائة من أجسادهم بكساء من نوع ما.
ولتحديد أرجحية صنع بشر نياندرتال شمال أوروبا واستخدامهم الملابس، أجرى ناثان ويلز اختصاصي علم الإنسان استقصاء شاملا للتقارير المنشورة عن الملابس التي صنعتها وارتدتها 245 مجتمعا من مجتمعات الصيد وجمع الثمار التي درسها اختصاصيو علم الإنسان على مدار المائة عام الماضية أو نحو ذلك. وقد وجد ويلز أن القدر الذي كان يغطيه الصيادون وجامعو الثمار من أجسادهم بالملابس كان ملائما تماما مع المناخات الشتوية في البيئات التي سكنتها هذه المجتمعات.
أشار ويلز أن الشعوب الناطقة بلغة كري السهول في ألبيرتا وساسكاتشوان - منطقة في السهول الكبرى الشمالية حيث فصول الشتاء طويلة وباردة - دائما ما يرتدون مئزرا وطماقا من الجلد، وأخفافا ذات عازل من الحشائش، وقبعة تغطي بعض الرأس، ورداء من جلد الجاموس فوق الجذع وكتف واحدة. وفق حسابات ويلز، يغطي الزي التقليدي لشعوب الكري 77,5 في المائة من الجسم. وقد أعطت الثقافات الأخرى ذوات المناخ البارد نتائج مشابهة؛ فقد كان نساء شعب التلينجيت في شمال غرب المحيط الهادئ يرتدين قمصانا مفصلة وتنورات داخلية من نسيج لحاء أشجار الأرز، وبطاطين من صوف خراف الجبل، وقبعات مصنوعة من الجذور غير منفذة للماء، تغطي 77 في المائة من الجسم، حتى بالرغم من أنه في الساحل الشمالي الغربي، حيث نادرا ما تنخفض درجة الحرارة في الشتاء انخفاضا كبيرا لأقل من درجة التجمد، كانت النساء يعتدن الخروج دون تغطية أسفل سيقانهن وأقدامهن (انظر شكل
4-2 ).
شكل 4-2: ابن زعيم جماعة كري السهول في زي احتفالي. لاحظ ملابسه المخيطة التي تكاد تغطي جسمه بأكمله وهو من شعوب الصيد والجمع في سهول أمريكا الشمالية. (جيرالدين مودي/المؤسسة الكندية للمكتبات والمحفوظات.)
مستندا إلى حساباته لحجم الجسد البشري الذي كان يغطى بالملابس في مجتمعات الصيد وجمع الثمار المعروفة، انتهى ويلز إلى أن أغلب جماعات النياندرتال التي كانت تعيش في أوروبا اضطرت لارتداء ملابس حتى تبقى على قيد الحياة. في الواقع، العديد من المناطق الأثرية التي احتوت على أدوات حجرية صنعها بشر النياندرتال واستخدموها، تقع في مناطق كانت ستحتم على سكانها أن يغطوا ما بين 70 و90 في المائة من أجسادهم خلال الشتاء. والعديد من هذه المواقع كانت في مناطق يرجح فيها أن يكون بشر النياندرتال قد غطوا كذلك أياديهم وأقدامهم في أشد الشهور برودة (انظر شكل
4-3 ).
شكل 4-3: خريطة لأوروبا تبين الحد الأدنى من الجسم الذي كان لا بد أن يغطيه بشر النياندرتال بالملابس للبقاء على قيد الحياة قبل 70000 و50000 عام. (الصورة منسوخة من جريدة «هيومان إفوليوشن»، السنة 63، العدد السادس، ناثان ويلز، نمذجة ملابس إنسان النياندرتال باستخدام نظائر إثنوغرافية، صفحة 786، حقوق النشر لعام 2012م، بتصريح من «إلسفير».)
अज्ञात पृष्ठ