बिला क़्यूद
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
शैलियों
لكن حين استنتج العلماء الذين نقبوا في مواقع تيرا أماتا وبيلزينجسليبين ومولدوفا أن هذه الدوائر من الأحجار وعظام الماموث كانت بقايا لمساكن، سريعا ما واجهت تفسيراتهم تحديات؛ فرغم المعرفة المتقدمة بالنجارة التي أبداها البشر الناشئون في أزمنة مبكرة منذ 400 ألف سنة، إلا أن انعدام الجدران والأسقف جعل العديد من اختصاصيي علم الحفريات يتقدمون بتفسيرات بديلة لوجودها. شملت هذه التفسيرات نظريات تقول بأن الدوائر ربما تكونت جراء حركات طبيعية للتربة، أو من إزالة ركام غير مرغوب فيه، أو حتى ربما أقامها أحد شعوب ما قبل التاريخ كجزء من طقس ديني افتراضي ما.
لكن حين نضع في اعتبارنا أنه حتى أطلال المساكن التي تعود لفترات تاريخية حديثة نسبيا تكاد تخلو تماما من آثار لإطارات خشبية، أو سقوف من القش، أو أغطية من الجلود التي كانت فيما مضى جزءا من بنائها الأصلي في وقت ما، فلا نجد سببا لتوقع أن تحتوي المساكن الأقدم منها بمئات المرات على مثل تلك الأدلة. وقد تكون هذه حالة أخرى من الحالات التي يساء فيها تفسير عدم وجود دليل على أنه دليل على عدم الوجود.
8
إلا أنه ثمة أدلة قوية على أن معالجة جلود الحيوانات تعود إلى زمن بعيد من عصور ما قبل التاريخ من حياة أشباه البشر، وقد أكد هذا الفحص المجهري لأدوات حجرية قديمة، وخاصة الأدوات المسطحة الضخمة ذات الحد القاطع الواحد المسماة بالمكاشط. عند النظر إلى الحد القاطع لهذه الأدوات تحت المجهر، يمكن رؤية نمط مميز من التآكل، وهذا «التآكل المجهري» يشير إلى أن العديد من هذه المكاشط كان يستخدم في إزالة اللحم والدهن من الجانب السفلي لجلود الحيوانات. في الواقع، يعود دليل التآكل المجهري على استخدام أدوات حجرية في كشط الجلود إلى 780 ألف سنة على الأقل، وقد استمر هذا السلوك دون انقطاع في ثقافات الصيد وجمع الثمار حتى صارت الأدوات المعدنية متاحة في العصور الحديثة.
إزالة اللحم من الجلود خطوة أولى ضرورية في عملية تحويل جلد الحيوانات إلى جلد مدبوغ. الجلود التي كان يدبغها الصيادون والجامعون كانت تستخدم كلها تقريبا في غرض من ثلاثة أغراض؛ أولا: من أجل أسقف الخيام والأكواخ وأغطيتهما. ثانيا: من أجل الفراش المستخدم داخل مساكن أشباه البشر. وثالثا: من أجل الأثواب والعباءات والقبعات والأحذية والقفازات، وسائر الملابس الأخرى التي لا بد أن أشباه البشر كانوا يرتدونها حين استقر بهم المقام في البداية في المناطق الشمالية البعيدة. الدليل على أن جلود الحيوانات الخام كانت تدبغ هو في حد ذاته دليل غير مباشر على أن أناس ما قبل التاريخ كانوا يبنون مساكن ويحيكون ملابس منذ مئات آلاف السنين.
انتهاء مرحلة العراء
لا توجد سوابق تذكر لارتداء أي أنواع حيوانية غير أشباه البشر للملابس. يأتي اختراع أشباه البشر للملابس، جنبا إلى جنب مع ترويض استخدام النار، كأحد الإنجازات الفريدة التي تميزنا عن كل الأشكال الأخرى من الأحياء الحيوانية. ويعود استخدام الجلود المدبوغة وغيرها من المواد الطبيعية في ستر أجساد أشباه البشر مئات آلاف السنين إلى زمن البشر الناشئين.
أقوى دليل على أن البشر الناشئين صنعوا الملابس واستخدموها يقوم على الحقيقة الراسخة أنهم بدءوا منذ زمن بعيد الاستقرار في مناطق جغرافية بعيدة جدا شمالا، حتى إن البقاء على قيد الحياة في تلك المناطق دون ملابس كان سيصير مستحيلا من الأساس. رغم أن بعض جماعات الهومو إريكتوس كانت بالفعل قد استقرت في المناطق الشبه المدارية في أوروبا وآسيا منذ مليوني عام، فإنهم لم يتوسعوا إلى الدوائر الشمالية قبل نصف مليون عام مضت؛ أي بعدها بنحو 1,5 مليون عام.
لماذا هاجر الهومو إريكتوس شرقا قاطعين آلاف الأميال من المروج ليستقروا في بيئات جاوة وجنوب الصين الشبه المدارية بدلا من عبور بضع مئات الأميال شمالا إلى بيئات شمالي أوروبا وآسيا الغنية بحيوانات الصيد؟ ولماذا كان ليمر أكثر من مليون عام بين زمن مغادرة الهومو إريكتوس لوطنهم الأفريقي وزمن توسعهم النهائي في الأراضي الشمالية؟ الإجابة الأكثر ترجيحا هي أن فصول الشتاء في الدوائر الشمالية كانت ببساطة باردة جدا بالنسبة إلى حيوان مداري صار عاريا كجزء من تكيفه للعيش باستخدام النار. في الواقع، ما كان لأحد أشباه البشر أن يستطيع البقاء على قيد الحياة دون ملابس في مناخات كانت تنخفض فيها دائما درجات حرارة الشتاء لأدنى من ثلاث وخمسين درجة فهرنهايت.
9
अज्ञात पृष्ठ