बिला क़्यूद
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
शैलियों
تسكن قردة الماكاك اليابانية بيئات واسعة التنوع، بدءا من الغابات شبه المدارية في كوشيما وصولا إلى غابات جبال الألب المغطاة بالثلوج في هونشو. ومن المنطقي جدا أن يكون لمثل هذا النوع القدرة على التأقلم مع البيئات المختلفة باكتشاف غذاء جديد، وابتكار طرق جديدة لتناوله، ونقل هذه العادات لأعضاء آخرين في المجموعة، وللأجيال القادمة من خلال نسله. بهذه الطريقة لا تفيد اكتشافات الأفراد المبتكرين مثل إيمو واختراعاتهم أفرادا آخرين في المجموعة فحسب، لكنها ستحفظ على مر الزمن لتوفر للأجيال القادمة التي ستعيش في الموطن نفسه حلولا جاهزة لتحديات الحصول على الغذاء التي تفرضها تلك البيئة بعينها.
في الواقع، رصدت عادات وتقاليد مشابهة - لبنات بناء الثقافة - بين أنواع أخرى عديدة من الرئيسيات؛ فقد تعلمت مجموعة من قردة الشمبانزي في غينيا، في غرب أفريقيا، أن تفتح القشرة الصلبة جدا لجوز الكولا والباندا باستخدام تقنية «المطرقة والسندان»، وقد انتقلت هذه التقنية الجديدة من أحد أجيال قردة الشمبانزي إلى الجيل التالي. كذلك رصدت أمثلة عديدة أخرى لعادات وتقاليد متمايزة لدى مجموعات قردة الشمبانزي البرية، منها استخدام أنواع مختلفة من الأدوات، وتقنيات تنظيف الجسد، وسلوكيات التحية مثل تشبيك الأيدي، حيث يرفع أفراد المجموعات نفسها أذرعهم ويشبكون أياديهم بعضها في بعض ومعاصمهم حين يلتقون. ومن الملاحظ أنه لا يوجد أي من هذه السلوكيات بوجه عام بين قردة الشمبانزي، وإنما يوجد لدى مجموعات محددة فقط. وهذا يخبرنا أن السلوك ينتقل بالتعلم وليس بعوامل جينية.
نعتبر أنه من المسلم به أن كل ثقافة بشرية لها عاداتها وتقاليدها المميزة، التي تورث من جيل للجيل الذي يليه، لكننا نادرا ما ندرك أن القدرة على الإتيان بسلوكيات جديدة - وتناقلها باعتبارها عادات وتقاليد مجموعة بعينها، من خلال المحاكاة - ليس مقصورا على البشر. كذلك رصدت عناصر مشابهة من ثقافة الحيوانات في الطبيعة بين الحيتان والأفيال والطيور، بل وحتى القوارض. لا شك أن العادات والتقاليد السائدة بين الحيوانات التي تعيش في جماعات، والتي هي بمثابة أسس الثقافة البشرية، ظهرت لأول مرة قبل وجود البشر على الأرض بملايين السنين.
ليس المقصود بهذا أننا البشر لسنا متفردين؛ فتفردنا الذهني والبدني عميق ولا سبيل لإنكاره، لكن العناصر التي تطور منها هذا التفرد ظهرت لا شك منذ زمن طويل في سلوك السعادين والقردة. أوجه الشبه الجسدية بين البشر والرئيسيات الأخرى واضحة، لكن أوجه الشبه السلوكية ليست دائما بهذا الجلاء؛ تضامن الجماعة ومبدأ الوطن، الروابط الاجتماعية التي تتوثق بفعل الأمومة والجنس والصداقة والتسلسل الهرمي الاجتماعي، مرونة المجتمع الانقسامي الاندماجي، مزايا الزواج من الأباعد، مبادئ الصيد والحروب والأدوات والأسلحة والعادات والتقاليد كلها موجودة بين الرئيسيات غير البشرية. هذه هي لبنات البناء الجينية للسلوك البشري، بدونها ما كان المجتمع البشري ليتطور، وما كان للعالم الذي نعيش فيه وجود.
الفصل الثاني
تقنية الحراب وعصي الحفر
انتصاب القامة والحركة على قدمين
ذات يوم، قرب الظهيرة، اعترتني دهشة شديدة عندما أبصرت أثر قدم حافية لبشر على الشاطئ، كان واضحا جدا بحيث يسهل تمييزه على الرمل.
دانيال ديفو، «روبنسون كروزو»
في مساء أحد أيام عام 1976، خرج عالمان للتنزه سيرا بعد يوم من العمل في موقع حفريات عمره 3,6 ملايين عام قرب القرية الأفريقية لايتولي في البلد الذي يعرف اليوم باسم تنزانيا. كان العالمان يتسليان بإلقاء كتل من روث الفيلة أحدهما على الآخر، حين تعثر أحدهما وسقط بوجهه على طبقة من الصخور كانت وحلا بركانيا في البداية منذ ملايين السنين، لكنها تجمدت منذ زمن بعيد لتصير نوعا من الملاط الطبيعي. وهناك، على بعد عدة بوصات من وجهه، كان هناك أثر لا تخطئه عين لقطرات مطر أحفورية.
अज्ञात पृष्ठ