ومنه: واختلفوا في صلاتهم إذا كانوا عراة جماعة، فروينا عن ابن عباس أنه قال: يصلون جماعة، وبه قال قتادة والشافعي. وفيه قال ثان: وهو أن يصلوا فرادى، كذلك قال الأوزاعي وأصحاب الرأي، وقال مالك بن أنس: يصلون فرادى يتباعدون بعضهم عن بعض، وإن كان ذلك ليلا مظلما لا يبين بعضهم من بعض صلوا جماعة، وتقدمهم إمامهم في الصف. وقال قتادة والشافعي: يقوم إمامهم معهم في الصف. وقال آخرون: يتقدمهم إمامهم. واختلفوا في ركوع العراة وسجودهم، فقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل: يركعون ويسجدون ولا يومئون. وقال قتادة وإسحاق وأصحاب الرأي يومئون، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس.
قال أبو بكر: يصلي العريان قائما ويركع ويسجد، لا يجزيه غير ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "صل قائما فأن لم تستطع فجالسا". فإن صلى من يقدر على القيام قاعدا أعاد، ولا يثبت عن ابن عمر وابن عباس ما روي عنهما، /123/ ولو ثبت لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجة على الخلق.
قال أبو سعيد: معي إنه قد مضى من ذكر صلاة العراة ما يستدل به على بعض معنى ذلك، ولا فرق عندي في صلاة العراة ليلا ولا نهارا، ولا يبين لي إلا قول من يقول: إنهم يصلون قعودا؛ لثبوت سترة العروة والفرج، وصلاة الجماعة أفضل وأوجب لثبوت سنتها، ولا أعلم شيئا يمنع الجماعة إلا عدمها . وق قال من قال من أصحابنا: إن الركبان لا يصلون جماعة. وقال من قال: يصلون جماعة، وهو أحب إلي، فلا أعلم للجماعة مانعا في وجه من الوجوه، ولا في حال من الحال أنها لا تجوز إلا أن لا يقدر عليها، ويعجبني إذا كان ليلا أن يتقدمهم إمامهم ليستر الليل عن الناظرين، ولثبوت السنة في تقديم الإمام لمن يأتم به، وأما في النهار إذا لم يقدر على ستر عورته فيعجبني قول من يقول منهم: أن يكون في وسطهم [بيان، 12/123].
पृष्ठ 92