बटल फतीफ इब्राहिम
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
शैलियों
خلف الوعد مع اللبنانيين، بترك سلاحهم لهم، وعدم التعرض لاستقلالهم، وعدم زيادة الضرائب، والإصرار على تجنيد الدروز، وإهانة شريف باشا شيوخهم.
الخامس:
ظهور الإنكليز بمظهر العداء لمصر ونشرها الدعوة ضد محمد علي ... إلخ.
أما الضرائب التي ضربت، فهي احتكار حاصلات الحرير في سوريا، كاحتكار حاصلات القطن في مصر. فطلبت إنكلترا من الباب العالي إصدار أمر بإلغاء هذا الاحتكار، فزاد ذلك في الاضطراب. ثم ضريبة الفردة، وهي ضريبة يدفعها كل رجل من سن الخامسة عشرة إلى سن الستين، وأقلها 15 قرشا على الفقير و500 قرش على الغني، وصدر الأمر بعد ضربها بأن تحصل على سنتين. ثم رسم الدخولية بين 6 ونصف و12 بالمائة على البضاعة التي ترسل من مدينة أخرى، ورسم التسريح على الحاصلات المحلية التي تنقل من بلد إلى آخر، ورسوم المواشي كالغنم والمعزى والجمال، وضريبة الشونة؛ وهي أن يقدم الأهالي للجيش في جهتهم كل حاجاته، ثم رسم الطاحون. على أن إبراهيم باشا لم يكن راضيا عن ثقل الضرائب، ولكنهم كانوا يكتبون إليه من القاهرة بأن الضرورة تقضي بذلك، ولا مرجع عنه. ومع ذلك لم يكن دخل سوريا يكفي للإنفاق عليها.
أما التجنيد فلم يكن أهل سوريا قد ألفوه؛ لأن الحروب والاشتراك بها كانت على وجه عام دائمة، ولكنها كانت حروبا محلية. ولما تقرر التجنيد أخذوا ينفذونه بالقوة وبحصار المدن والقرى، والتقاط الشبان، كذلك نزع السلاح من الأهالي.
كانت الفتنة الأولى في فلسطين؛ فإن إبراهيم تلقى أوامر والده وهو في يافا مع أركان حربه بضرب الضرائب التي ذكرناها، فأذاع ذلك بمنشور وأوامر أصدرها إلى الحكام، فاتفقت أسرة طوفان وأسرة الجزار - من جبال نابلس - مع أسرة أبي غوش - بين القدس ويافا - على مقاومة ذلك. وسبب اتفاق هذه الأسر: أن الأولين كانوا الحكام على عهد الترك، فأسقطهم إبراهيم وأحل محلهم آل عبد الهادي. وأما أسرة أبي غوش، فكانت تقطع الطريق على الحجاج وسواهم، وتأخذ منهم «الخوة»؛ وهي ضريبة على كل مار بالطريق بمناحر أو بمواشي ما بين يافا وغزة وبئر سبع، فضرب إبراهيم على أيديهم وأبطل تلك المظالم وسجن في سجن عكا كبيرهم.
ولما بلغ إبراهيم تآمرهم أسرع إلى القدس وطلب أعيان البلاد وحتم عليهم تنفيذ الأوامر، فوعدوا بإبلاغ قومهم ذلك، وانصرفوا، ولكنهم انصرفوا لإضرام نار الفتنة وإذاعة الأخبار عن زحف جيش رشيد باشا من سيواس، فانتقض العربان في جهة البحر الميت وقبيلة أبي غوش وأهالى جبل نابلس، وتحرج موقف الحامية في القدس. ولما أرادت الانسحاب إلى يافا اعترضتها في الطريق قبيلة أبي غوش، فأكرهتها على العودة إلى القدس والاعتصام بالقلعة. وأرسل إبراهيم باشا آلايا من يافا إمدادا للقدس، فصد عن غرضه. ووصل إليه في الوقت ذاته أن الثوار فتكوا بحامية الخليل، وأنهم مقبلون لحصار القدس وقد نهبوها، فقام من يافا بستة آلاف مقاتل، فقهر في طريقه قبيلة أبي غوش، ودخل القدس، وظل القتال دائرا بين الثوار وجيشه، إلى أن وصل محمد علي إلى يافا في 29 يونيو سنة 1834 ومعه جيش قوي، فغنم إبراهيم الفرصة وتغلب على الثوار بالوسائل السياسية.
وكان أهالي صفد قد ثاروا ونهبوا أموال اليهود وأملاكهم وفتكوا بهم، فطلب محمد علي من الأمير أمين ابن الأمير بشير الذي أوفده والده لتحية محمد علي عند وصوله إلى يافا، أن يبلغ والده أن يسير إلى صفد رجاله، ويؤدب ثوارها ويرد المسلوبات لليهود، فنهض الأمير إلى صفد، وقبل أن يدخلها قابله قاضيها وعرض عليه طاعة أهالي صفد، ووعده برد الأسلاب. فقبل طاعتهم، وأرسل إلى صفد الأمير أفندي حاكم راشيا ليستلم قلعتها ويعيد المسلوبات إلى اليهود، فنفذ أمر الأمير وقبض على الذين اعتدوا على اليهود وسلبوا أموالهم، وأرسلهم إلى سجن عكا.
وكان إبراهيم باشا قد أرضى أسرة غوش بإخراج زعيمها من سجن عكا وتعيين ابنه متسلما للقدس. وسار إبراهيم باشا إلى جبال نابلس، فأخمد الفتنة، وقبض على كثيرين من الثوار، ثم سار إلى الخليل وقاتل الثوار وكسرهم، ثم اتجه إلى الكرك والسلط وأخمد الفتنة. وعاد محمد علي إلى مصر في 29 يوليو؛ أي بعد أن استتب النظام في فلسطين، وعاد الأمير بشير إلى لبنان.
وظل إبراهيم يطارد زعماء الثوار الذين لجئوا إلى عرب عنزه، فأرسل إلى رؤساء تلك القبيلة ليسلموا زعماء الثورة، وأهمهم الشيخ قاسم أحمد، فسلموهم وحكم عليهم بالإعدام.
अज्ञात पृष्ठ