وبعض القوم صرح بان الفصل علة فاعلية لحصة النوع من الجنس فالناطق مثلا علة فاعلة للحيوانية التى فى الانسان، وزعموا أنهم فهموا ذلك من كلام الشيخ ابن سينا وهو وهم غير صحيح وخبط فى فهم ما رأوه من عبارات الشيخ وغيره فى بيان مذهب افلاطون وارسطو فى وجود الجنس والنوع والفصل.
وليس موضع تفصيله فى المنطق وانما هو باب واسع من ابواب الحكمة الاولى يبين فيه: هل للمعقولات الكلية وجود عقلى حقيقى مستقل عن الوجود الحسى وليس دونه فى التحقق الوجودى وان ذلك الوجود العقلى الحقيقى يتنزل الى الوجود الحسى فى افراد كل نوع وهو ما ذهب إليه افلاطون.
أو أن ذلك الوجود الحقيقى للكليات ليس الا وجودا واحدا وهو وجود الحصص فى الاشخاص أو حصص الاجناس فى الانواع.
فكما تقول ان النوع وهو الحقيقة اذا وجد فى الخارج فتشخصه هو ذلك الوجود الخاص لا امر اخر جعلها شخصا وبقية العوارض تلحقها بعد اعتبارها موجودة بذلك الوجود دون أن يكون الوجود جزأ منها.
كذلك تقول: ان الناطق مثلا هو الوجود الخاص للحيوان فى الانسان، وبه صار نوعا بدون أن يكون جزأ من الحيوان فوجود النوع والجنس والفصول وجود واحد وهو مذهب ارسطو. وهذا لا حاجة لبيانه فى المنطق ومع حرص المصنف على الابتعاد عن هذه المباحث الحكمية فى المنطق فقد خاض فى بعض ما خاضوا فيه.
والذي يحتاج إليه فى المنطق للفرق بين الذاتى وغيره هو ما قاله الشيخ ابن سينا: «ان الفصل ينفصل عن سائر الأمور التى معه بأنه هو الذي يلقى أولا طبيعة الجنس فيحصلها ويفرزها وانها (أى سائر الامور) تلحقها بعد ما لقيها وأفرزها» .
وقول المصنف اذ لو كانت ذاتية بالنسبة الى المركب منه الخ يريد به أن المركبات الاعتبارية كالجسم الابيض يكون فيها العرض جزأ من المركب مقوما له من حيث هو مركب منه ومن غيره، ومع ذلك لا يعد ذاتيا، فكذلك جزئية الناطق للمركب منه ومن
पृष्ठ 82