ففعل عثمان رضي الله عنه يعتبر من المصلحة المرسلة (و"المصلحة المرسلة" في تعريف الأصوليين هي:"الأوصاف التي تلائم تصرفات الشارع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين من الشرع بالاعتبار أو الإلغاء، ويحصل من ربط الحكم بها جلب مصلحة أو دفع مفسدة عن الناس".
وسميت "مرسلة" ؛ لعدم وجود ما يوافقها أو يخالفها في الشرع؛ أي: أرسلت إرسالا وأطلقت إطلاقا.
والضابط الذي تتميز به المصلحة المرسلة من البدع المحدثة هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/594):(والضابط في هذا- والله أعلم - أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة، إذ لو اعتقدوه مفسدة؛ لم يحدثوه؛ فإنه
لا يدعو إليه عقل ولا دين .
فما رآه الناس مصلحة؛ نظر في السبب المحوج إليه:
فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي لكن من غير تفريط منه؛ فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه.
وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لكن تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعارض زال بموته وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث.
فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موجودا، لو كان مصلحة ولم يفعل: يعلم أنه ليس بمصلحة.
وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق؛ فقد يكون مصلحة..الخ) .
وخلاصة القول: أن "حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري، أو رفع حرج لازم في الدين".
وليست البدع - عند من يدعيها- هكذا بيقين) (¬1) لأن المبتدع إنما يفعل البدع بقصد زيادة التقرب إلى الله وإن لم يكن هناك حاجة لإحداث ذلك الفعل.
पृष्ठ 41