أولا:(لقد فعل عثمان ذلك لمصلحة، وهو أن الناس عندما كثروا؛ وتباعدت منازلهم عن المسجد؛رأى هذا الأذان نافعا لاتساعها وكثرة أهلها، فيدعوهم ذلك إلى الاستعداد) (¬1) ، يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال:"كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء".
(وقد نقل القرطبي في "تفسيره" (18/100) عن الماوردي قوله: (فأما الأذان الأول فمحدث، فعله عثمان رضي الله عنه ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها) انتهى كلامه - رحمه الله - فمن صرف النظر عن هذه العلة، وتمسك بأذان عثمان رضي الله عنه مطلقا لا يكون مقتديا به، بل هو مخالف له حيث لم ينظر بعين الاعتبار إلى تلك العلة التي لولاها لما كان لعثمان رضي الله عنه ان يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده.
ولهذا قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1/173): "وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ،ويقول: أحدثه معاوية، وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي، فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر، وأذن كما يؤذن اليوم أذان
قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له، ولا يفسد شيء من
صلاته" اه) (¬2) .
पृष्ठ 40