فلزم أن تكون "السنة" في الحديث: إما حسنة في الشرع، وإما قبيحة بالشرع، فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة وما أشبهها من السنن المشروعة.
وتبقى السنة السيئة منزلة على المعاصي التي ثبت بالشرع كونها معاصي؛ كالقتل المنبه عليه في حديث ابن آدم، حيث قال - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري ومسلم: { لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل } (¬1) وعلى البدع، لأنه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع ) (¬2) .
ثالثا:(لا يمكن أن يكون معنى: { من سن في الإسلام سنة حسنة } أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة" لأن بهذا يكون معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : { كل بدعة ضلالة } "كل سنة
ضلالة ".
فمن جعل هذا هو معنى ذاك فقد أبعد النجعة وحرف الكلم عن مواضعه) (¬3) .
رابعا: (لو كان هذا الذي يفهمه الناس الفهم الصحيح للحديث لصار في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
{ فمن رغب عن سنتي فليس مني } تناقضا واضحا وتحريضا على الإعراض عن السنة.
وثناء منه على من رغب عن سنته.
فبينما يقول: { فعليكم بسنتي } داعيا إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ والقبض على الجمر يدعونا هنا إلى الأخذ بأي سنة يسنها من شاء من المسلمين لا بالتقيد بسنته - صلى الله عليه وسلم - وحده!) (¬4) .
الشبهة الثانية: فهمهم لأثر"ما رآه المسلمون حسنا؛ فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا؛ فهو عند الله سيئ " أخرجه أحمد وغيره.
पृष्ठ 29