من أمره ما يشبهك أو يشبهه، فأمر له يحيى بألف ألف درهم. وقال إسحاق١: قلت للعباس بن الحسن٢: إني لأحبك، فقال: رائد٣ ذاك معي، وذكر له رجلًا فقال: دعني أتذوَّق فراقه، فهو والله لا تشجي٤ به النفس، ولا تكثر في أثره الالتفات. وكتبت إلى بعضهم: إنما قلبي نجى٥ ذكرك ولساني خادم شكرك.
وكتبت في بعض الكتاب: قد طالت علتك أو تعالك واشتد شوقنا إليك فعافاك الله مما بك من مرض في بدنك أو إخائك ولا أعدمناك. وقال عبد الله٦ بن إدريس قال: كان لي جار معتوه فقلت له يومًا: ما أجود الشعر؟ فقال: ما لم يحجبه عن القلب شيء، انظر إلى قوله "من الطويل":
ألا أيها النيام ويحكمو هبوا٧
وأنشده بصوت جهير، ثم قال: أعرابي استأذن على القلب فلم يؤذن له، ثم أنشد "من الطويل":
أسائلكم هل يقتل الرجل الحب٨
_________
١ هو إسحاق الموصلي الذي مرت ترجمته.
٢ مرت ترجمته.
٣ الرائد: الذي يتقدم القوم في طلب الماء والكلأ.
٤ شجاه: حزنه، أشجاه: أغصه. وتذوقه: ذاقه مرة بعد مرة وشيئًا بعد شيء.
٥ النجي: الذي تساره واحدًا أو جماعة.
٦ كوفي محدث ورع أراد الرشيد أن يوليه القضاء فأبَى، مات عام ١٩٣هـ وهو غير ابن إدريس الشافعي م سنة ٢٠٤هـ.
٧ شطر بيت لجميل بين معمر العذري "وراجع ١٣، ١٤ الشعر والشعراء، وص١٣ من فصول التماثيل لابن المعتز، و٧/ ٤ العقد الفريد طبع القاهرة ١٩٢٨".
٨ عجز الشطر السابق وهو لجميل، والبيت تجده في الأمالي "٢٩٨/ ٢".