والله ما دخلت معهم فيما أحدثوه، ولا تابعتهم على ما صنعوه إلا حياء من تعريفهم بما لا يجهله الجاهلون، ولا يغلط فيه الغالطون، وليس من ترك حقه ملوما، إنما الملوم من تسور على غير حقه، وادعى سوى واجبه، ولولا بدو ذلك لجميعكم، وظهوره إلى رفيعكم ووضيعكم، ورغبتي في استنفاذكم من رق الضلالة، وفككم من رق الجهالة، ما أطعت فيما رغبتموه، ولا صبرت لما أردتموه، ولا عرفتكم من فضلي بما سكت أولا عليه، ولا ندبتكم من حقي إلى ما لم أندبكم قبل إلي. فقالت: مثلك انقاد إلى رغبة مؤمليه، وأيد سالف أياديه، وغفر ذنوب عشيرته، وصفح عن جيرته، وجرى على أخلاق الملوك في الصفح عن المملوك.
وجاوب الأقحوان والخيري الأصفر نواوير الربيع الأزهر، بما نفذ من حسن القدر ونسخة كتابهما:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل إلينا كتابكم، وورد علينا خطابكم تبينون فيه ضعف ميز مقدمي الورد ومبايعيه، وسوء رأي موليه ومؤمليه، وتلك قصة غاب عنا، وبعدت بفضل الله منا، وقد ظهر ضعفها إلى من تولى، وتبين سخفها لمن ولى، وإذ وقفتموها فوافقتمونا فهي النعمة الجزيلة، والمنة الجليلة، ونحن على مبايعة البهار، والكتاب إلى جميع الأنوار. وسيصل إليكم ويرد عليكم.
فلما نفذ هذا الكتاب إلى النواوير الربيعية بتمام القضية المرضية قالت للبهار: من تمام كرمك، وكمال نعمك إباحة العقد لك بالاتفاق عليك، وإنفاذه إلى صنوف الأنوار وضروب الأزهار.
فأباح لها ذلك، وكتبت بين يديه هنالك:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب مبكري الأنوار، وسابقي الأزهار إلى من غاب عنها بشخصه، ولم يحضرها بنفسه.
أما بعد: فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو مستنقذنا من الفعلة القبيحة والدنية الصريحة التي نفذ بها كتابنا إليكم، وورد بإكمالها خطابنا عليكم، وتلك غلطة ظهرت لكم، وسقطة لم تغب عنكم، ولعمر الحق الذي إليه نرجع، وبه في أمرنا نقطع، لقد ظهر إلينا فساد ما خصصنا عليه، وقبح ما ندبنا إليه، بعد إنفاذه، وإكماله، والتدبر لجميع أحواله، ولم نسقط إلا بتعجيل التدبير، ولا خير في الرأي الفطير، وإذ قد اجتمع الرأي من سراتكم ومنا، وصدر الاتفاق عن كبرائكم وعنا، فهي النعمة التي بها تنتظم أمورنا، ويراعى أميرنا، وقد بايعت البهار الباهر جماله، والظاهر كماله على ما رضيتم به، ورغبتم فيه، وقد وضعنا شهادتنا على صدق من نياتنا.
وكان كاتب الصفيحة البنفسج، فقيل له: ابدأ شهادتك
شهادة البنفسج
النثر: والله ما أضعف أملي، وضاعف عللي، وأوهن مني السوق، وقللني في كل سوق، إلا الدخول في تلك الوحول، والبعد عن الخلق الكريم، والصراط المستقيم، في تأخير هذا الملك العظيم، الذي بتقديمه الآن أرجو أن دائي قد لان: والنظم له: [الكامل]
أما البنفسج فهو يشهد أنه ... متذمم مما جنى متنصل
متبرئ من بيعة الورد التي ... لم يبر منها داؤه المتأصل
متبين فضل البهار وعالم ... أن البهار هو المليك الأفضل
شهادة النرجس
النثر: تبا لتلك الفعلة الدميمة، والقضية الذميمة التي جلبتني جلباب السقم، وسربلتني سربال الهرم، ولولا بداري إلى نسخها وتحيلي في فسخها، لذهب نفسي الأرج الذي به أبتهج.
والنظم له: [الرمل]
أشهد النرجس إشهاد محق ... أن بدر الورد في الملك محق
ورأى أن البهار المجتلى ... في سماء الحسن بالملك أحق
فمتى كذب قول أبدا ... قيل في قولته هذي صدق
شهادة الخيري
النثر: واله ما أورق بصري، وأرق بشري، [وأغاض نهارا ماء بشري]، وأغمد فيه سيف نشري، إلا معصية الحق في تلك القضية، وطاعة الهوى في تلك الخطية، فالحمد لله الذي أحال الحالة الموبقة لي لا محالة.
والنظم له أيضًا: [الرمل]
أشهد الخيري أن الخير في ... نقض ما اخطأ فيه أولا
موقنا أن البهار المرتضى ... بهر الأملاك حالا وحلى
فهو الموقظ أنوار الربا ... من سنات سنها فيها البلى
شهادة الأقحوان
1 / 18