٢
باب
في- بيان أن اللغات توقيفية أو اصطلاحية
نبين عنى اللغة، ومعنى الكلام، واللفظ، والنطق- أولصا، فنقول:
اللغة- اسم لضرب مخصوص من ترتيب الحروف الدالة على المعاني، بحكم الوضع.
وإنما شرطنا كونها حروفًا ودلالتها بحكم الوضع، لأن الضحك والبكاء يدلان على الحزن والفرح، وصياح الديك يدل الدجاجة على استدعائها لالتقاط الحب، ولا يسمى ذلك لغة.
إذا ثبت هذا-[فـ] نقول: اختلاف اللغات من التركية والهندية والعربية باختلاف ترتيبها، فإن أهل كل لغة رتبوا عين هذه الحروف، لكن ترتيبًا مخالفًا للآخر، وتركيبًا مباينًا لتركيب الآخر.
وأما الكلام- فهو مأخوذ من الكلم، وهو الجرح الذي يؤثر في نفس المجروح، ومن كلم غيره فقد أثر في قلبه بتفهيم غرضه، فيسمى ذلك كلامًا.
وأما اللفظ -فأصله الرمي- يقال: "لفظت الناقة" إذا رمت من فيها ما التقمت من الحشيش، ويقال: "لفظ البحر بالجيفة" إذا رمى بها. فالواحد منا إذا تكلم فكأنه يرمي، فسمى قوله "لفظًا". وأما كلام الله تعالى، فلا يوصف به على الحقيقة، إلا أنه اشتهر في العرف إطلاق اسم اللفظ على القول، حتى لا يفهم منه سواه، فيصح قول القائل: "لفظ الآية كذا" و"لفظ القرآن كذا".
1 / 34