يَنقَضَّ﴾ وأي اختصاص بين المريد والجدار- قلنا: الدليل على اشتراط ما ذكرنا من الاختصاص المعرِّف للمجاز أنَّ فهم الشيء باسم غيره لا يحصل. وأما ما ذكر من المثال- قلنا: هذا إطلاق اسم المريد على الجدار الذي قرب سقوطه وانهدامه، وبينه وبين المريد اختصاص مشابهة، لأن الإرادة هو المعنى الذي يوجب تخصيص الشيء بالوجود، والجدار الواهي المائل قرب سقوط، وأوجب ذلك اختصاص سقوطه وانهدامه بالوجود، فكأنه أراد انقضاض نفسه وانهدامه، فجاز استعمال المجاز فيه.
فإن قيل: من جملة وجوه المجاز المشابهة في المعنى الخاص كما ذكرتم، فهل يشترط في هذا الوجه شرط آخر وراء نفس المشابهة، وهو أن يكون المعنى في المستعار منه أبلغ حتى يصح المجاز؟ قلنا: نعم فيه شرائط: بعضها شرط صحة المجاز، وبعضها شرط كمال الفصاحة فيه:
أما الأول- فمن شروطه أن يكون المعنى خاصًا في المستعار منه أعني أنه يوجد فيه، وعلى الحد الذي يوجد فيه لا يوجد في غيره، كالشجاعة في الأسد.
ومن شرطه- أن يكون المعنى في المستعار منه ظاهرًا، كالشجاعة في الأسد، لا كالبَخَر فيه.
وأما كون المعنى في المستعار منه أبلغ - فهو شرط كمال الفصاحة والبلاغة، كما في الأسد مع الشجاع، والحمار مع البليد، لا شرط نفس الاستعارة، لما مر ان معنى المجاز والمطلوب منه قد يحصل بدونه، لما مر من الوجوه.
والله تعالى أعلم.
1 / 33