كافية فى وجود الكل ولا حاجة له إلى موجد آخر ضرورة.
وأما ما قيل ان لكل واحد من تلك الأجزاء موجدا متقدما على ما قبل المعلول الأخير ، فهو أولى بأن يكون موجدا للكل. ففساده ظاهر ، لأن ما قبل المعلول الأخير أولى بان يكون موجدا للكل لانه الموجد لجميع اجزائه توزيعا مع أنه أكثر اشتمالا على علل الأجزاء ، وكذا الكلام فيما قبل المعلول الأخير ، وهكذا.
الثالث : ان ذلك الدليل لو تم بجميع مقدماته يلزم تعدد الواجب بل عدم تناهيه ، لان المجموع المركب من جميع الممكنات الموجودة والواجب موجود ممكن لا بد له من موجد ، وموجده لا يكون نفسه ولا جزئه لما ذكر بعينه فلا بد أن يكون خارجا ، والموجود الخارج عن جميع الممكنات والواجب واجب آخر وهكذا. وكذا الكلام فى المركب من الواجب ومعلوله الأول كالعقل الأول ، فإن موجده ليس نفسه ولا جزئه ولا ممكنا آخر ، فتعين أن يكون واجبا آخر ، وهكذا.
لا يقال : امكان المركبات المذكورة إنما هو باعتبار أجزائها الممكنة ، وأما الأجزاء الواجبة فلا دخل لها فى إمكان تلك المركبات ، فالممكن بالحقيقة هو تلك الأجزاء الممكنة وموجدها الأجزاء الواجبة فلا محذور ، بخلاف ما نحن فيه ، فإن اجزاء السلسلة المفروضة ممكنات صرفة.
لانا نقول. المركب من حيث هو مركب ممكن ، سواء كان مركبا من الممكن أولا حتى ان المركب من الواجبين ممكن ، وكذا المركب من الممتنعين ، إذ التحقيق أن التركيب مطلقا يستلزم الإمكان الذاتي ولهذا حكموا بان البساطة من لوازم الوجوب الذاتى.
نعم ، يمكن أن يجاب بأن المركب من الواجب والممكن وإن كان ممكنا لكن لا يحتاج إلى موجد يفيد الوجود لنفسه ، بل يكفيه ما يفيد الوجود لجزئه الممكن ، بخلاف الممكن المركب من الممكنات الصرفة اذ لا بد من موجد يفيد الوجود لنفسه بالضرورة.
الرابع : انهم جعلوا هذا الدليل من الأدلة الغير المفتقرة الى ابطال الدور والتسلسل.
पृष्ठ 92