واجبا لذاته ، وقد ثبت انه ممكن ، هذا خلف ، مع انه مستلزم للمطلوب ، ولو كان نفسه من حيث انه موجود يلزم إما تقدم الشيء على نفسه وإما كون الشيء موجودا بوجودين فصاعدا. ضرورة تقدم العلة من حيث الوجود على المعلول بالوجود. وهذا توضيح ما قيل : ان العلة التامة للشىء لو كانت نفسه لكان واجبا لذاته لا ممكنا.
وأما بطلان الثاني ، فلان موجدا لكل موجد لكل جزء من اجزائه وإلا لم يكن موجدا للكل بل للبعض ، فيلزم كون ذلك الجزء علة لنفسه ولعلله.
** وهاهنا أبحاث :
الأول ، انه إن أريد بالموجد الفاعل مطلقا فلا نسلم ان موجد الكل موجد لكل جزء منه لجواز أن يكون الفاعل فى إيجاده محتاجا الى شيء لا يستند إليه ، وإن اريد الفاعل المستقل فى التأثير بمعنى ما لا يستند المعلول إلا إليه أو إلى ما صدر عنه فلا نسلم ان الممكن لا بد له من فاعل مستقل فى التأثير بهذا المعنى.
أقول : يمكن أن يجاب عنه بأن المراد هو مطلق الفاعل كما هو الظاهر. ولا بد أن يكون فاعل الكل فاعلا لكل جزء منه ، بناء على ان وجود الكل عين وجودات الأجزاء ، فلو لم يكن مفيد وجود الكل مفيدا لجميع وجودات الأجزاء لم يكن مفيدا لوجود الكل ضرورة ان مفيد الشيء مفيد لما هو عينه ، إلا ان فيه ما ستعرف عن قريب.
الثاني ، انه إن أريد بكون موجد الكل موجدا لكل جزء منه بعينه ، منعناه لجواز أن يكون موجد الكل مجموع موجدات الأجزاء لا موجدا لشيء منها اصلا ، كما اذا كان موجد بعض الأجزاء غير موجدا للبعض الآخر كما فيما نحن فيه. وإن أريد ان موجد الكل إما عين موجد كل جزء منه أو مشتمل عليه فلا نسلم ان موجد الكل لو كان جزئه يلزم كون ذلك الجزء علة لنفسه ، ولعده لجواز أن يكون موجد الكل مجموع موجدات الأجزاء على سبيل التوزيع وهو هاهنا ما قبل المعلول الأخير. ولا محذور فيه ، لانه لما كان وجود الكل عين وجودات الأجزاء قطعا ، ولا فرق بين الكل والأجزاء إلا باعتبار ان ما لوحظ فى الثاني بدفعات لوحظ فى الأول دفعة واحدة ، كان موجدات الأجزاء
पृष्ठ 91