الفلاح فيه يذقة واستقصاء، لم يترك معهما ثغرة لظن أو تأويل حين قال ﵊: «الخيل ثلاثة: فرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان؛ فأما فرس الرحمن فيما اتخذ في سبيل الله تعالى وقوتل عليه أعداؤه، وفرس الإنسان ما استطرق عليه، وفرس الشيطان ما روهن عليه» (١).
وبالغ الإسلام في أجر فرس الرحمن فلم يترك مجالا لتردد أو زيادة لمستزيد حين قال ﵊: «من احتبس فرسا في سبيل الله تعالى، إيمانا بالله ﷿ واحتسابا، وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريّه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» (٢).
وبمثل هذه العلاقة الوثيقة النبيلة بين الوسيلة والغاية، جابت الخيول العربية الآفاق؛ وطوى فرسانها معظم المعمورة آنذاك، لنشر رسالة الحق والخير للدنيا والآخرة.
وجدير بالتوضيح، أن ما ورد في الأحاديث النبوية المتقدمة من تكريم للفرس العتيق، وما خصّ به الفرس العربي، لم يكن تعصبا، بل حفاظا على صفات الفرس الأصيل التي عرفها العربي في الماضي، ولمسها المهتمون بشؤون الخيل والسباق هذه الأيام. . وهي صفات بعضها جسمي يتصل بتناسق في الأعضاء يمنح الفرس مزيدا من القدرة على السبق والانعتاق، وبعضها نفسي يتصل بسلوك الفرس وصلته بصاحبه، من الذكاء والألفة والوفاء وما إلى ذلك.
هذا ولم تبخل المصادر القديمة بتقديم أوصاف شاملة للفرس
_________
(١) الترغيب والترهيب ٢/ ٢٦١.
(٢) رياض الصالحين ص ٥١٠ برقم (١٣٢٨).
1 / 23